يذهبون في استغلالها إلى حدود مرهقة، حتى إن كثيراً من السياح الذين يفدون على مصر يضجون بالشكوى من غلاء الأجور والأثمان التي تفرض عليهم. وهذا بلا ريب عيب في موسم السياحة المصري له أثره السيئ في سير الموسم، وهو بلا ريب يصرف الكثيرين من متوسطي الحال عن القدوم إلى مصر والتمتع بآثارها وشتائها.
ونذكر أن الحكومة قدرت خطر هذه المسألة منذ أعوام وفكرت فعلاً في إنشاء فندق كبير فخم يقتضي من السياح أجوراً معتدلة، ولكن الفكرة ماتت في مهدها ككل فكرة يخشى منها على المصالح الأجنبية في مصر. وإذاً فليس لنا إلا أن نعتمد على الجهود الخاصة في غزو هذه الصناعة التي يحتكرها الأجانب في بلادنا، ويجنون منها الثروات الطائلة، وهي صناعة لا تقتضي فنوناً أو مواهب خارقة، ولا تقتضي سوى الإقدام وموهبة التنظيم وحسن الذوق؛ وهي ليست أجل خطراً من الشئون المالية الدقيقة التي استطعنا أن نغزوها وأن نبرع فيها على يد بنك مصر وشركاته القوية الميمونة. ولقد أتيح لهذه المؤسسة القومية العتيدة أن تبدأ بالفعل بغزو ميدان له صلة وثيقة بالسياحة وموسمها؛ فقد أنشأت شركة للمواصلات الجوية وأسطولاً جوياً يقوم اليوم بنصيبه في الموصلات المحلية؛ وأنشأت شركة للملاحة لها اليوم أسطول بحري لا يزال في مستهل حياته، ولكن يشق اليوم عباب البحر الأبيض، ويربط مصر بالقارة الأوربية؛ وإذا كنا ننبه اليوم على تقصيرنا في العمل على استثمار موسم سياحتنا والأخذ بنصيبنا في صناعة الفنادق المحلية، فإنما نتجه في تلافي هذا التقصير بادئ بدء إلى بنك مصر أيضاً، وإلى تلك العصبة الميمونة من زعمائنا الاقتصاديين الذين أتوا في الميدان الاقتصادي بالعجائب، فهم أحق الناس بأن يتولوا الزعامة في هذه الناحية أيضاً، فينشئوا لنا شركة مصرية حقيقية تقوم بإنشاء بضعة فنادق فخمة تشترك في استثمار موسم السياحة لحساب المصالح المصرية، وتفتح بذلك باب هذه الصناعة واسعاً أمام المصريين، فيقتدون بها في الإقدام والعمل؛ ولا ريب إن صناعة فنادق مصرية إذا أقيمت على أسس مستنيرة تلقى نصيبها الأوفر من النجاح، نظراً لقناعتها واعتدالها.
هذا وفي وسع المصريين أن يحققوا بغزو هذه الصناعة، فضلاً عن الأرباح المادية لبلادهم، مزايا أدبية جليلة عن طريق الاتصال بموسم السياحة؛ فالسياح من مختلف الأمم،