للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الإسلامي ولا يمكن أن تكون عارية تؤخذ من أنظمة موضوعة أو برامج تعليمية أخذ بها الغير في الغرب أو الشرق. وهذا البحث النظري التجريبي لم نأخذ به للأسف إلى الآن. ولقد قلت مرة: (لما ثقافةواحدة نريد أن تكون صورة حية لنا وهي الثقافة العربية وليدة كفاحنا وجهادنا، لا نسلم بان تطفئ عليها ثقافة أخرى لأنها الأساس الثابت المكون للشخصية المصرية فلا يمكن أن نتنازل عنها أو نقصر في حقها بل يجب أن تبرز الثقافة العربية في كل ركن من نواحي نشاطنا).

ولذلك لا أجد مبرراً للتردد أمام هذه الحقيقة ولا أجد سبباً للمجاهرة (بأننا أمة شرقية للفرعونية والإسلامية في دمائنا كرات حمراء وبيضاء، وللحضارة الحديثة في حياتنا أصداء. .) - كما قال الأستاذ زيتون في الرسالة - فهذا المخرج لا محتل له أمام الأيمان بعروبة مصر) فنحن معاشر المصريين نكون أمة عربية ثقافتنا عربية سامية: ولا يمكن أن نكون غير ذلك وإلا وقعنا في المتناقصات وواجهتنا خطوات التعثر والتفكك التي نعيش فيها الآن ولا نجد لنا منها مخرجاً. . . ولا نستطيع عنها حولا. وعليه فأني أقول بأن الإيمان بعروبة مصر هو الذي يمهد لنا طريق البحث والاستقراء في اكتشاف منابع الحياة الفكرية والعقلية بل والنفسية في الأمة وسبل توجيه اللغة والأدب والفنون الجميلة والصحافة والإذاعة وكل مظاهر الحس والوجدان نحو تقوية أنفسنا وإذكاء هذه الثقافة وغرسها وإنمائها ودفعها وانطلاقها أي جعل اللغة الفصحى الصحيحة حية في كل مكان - في لغة التعكير والكلام والعلم والكتابة والحقل والمصنع - وعليه أضع معلم اللغة العربية في المقام الأول من المسئولية وأعده الدعامة الأولى لمستقبل البلاد، وأرى أن يتفرغ لهذه الناحية بالذات وأن ينظر إلى رسالته نظرة يحوطها التقديس، ولا يتولى عملا غير لغة البلاد وحماية ثقافتها، التي أعتبرها أكبر عناصر الشخصية المصرية وأعلى مظهر لعبقريتها. فإذا اتفقنا على هذا الأساس، ولا بد أن نسلم به تسليما انتقلنا إلى أهداف السياسة التعليمية كما تبدو لي.

وهنا أعود إلى الكلام عن الأمرين الهامين أي حاجة البلاد الاقتصادية ومماشاة أو مسايرة السياسة التعليمية لروح العصر الحاضر. فنحن لا نشك لحظة واحدة في أن كل سياسة للتعليم تستمد قوتها وتوجيهاتها من الروح السائدة الآن في العالم وهي علمية اقتصادية '

<<  <  ج:
ص:  >  >>