(الصعود المثلوجة) في المسرحية ص ١٤، وأن يكون الطريق الذي يسلكه العقل في الصعود المثلوجة مُناراً، لأن القمة الباردة في قصيدة العقاد لا تعرف اختلاف الليل والنهار
هنالك لا الشمس دوَّارة ... ولا الأرض ناقصة زائدة
وأن تكون (القمة الباردة التي تعلوها الثلوج و (ثلوج الذرى) التي (تفتر عندها الحياة) والتي (لا يشعر عندها بحياة) كما كتب العقاد في قصيدته - هي في مسرحية بشر فارس (الآن أعيش في الثلج ص ٢٥) و (إنما أحيا والثلج من حولي ص ٢٥) و (إنما حياتي في الثلج ص ٢٧) و (بيني وبينك الثلج لا يبرح قائما ص٢٧) و (أحرقته وهو يثلجني ص ٣٦) و (سيثلج بعضي بعضاً منذ الآن ص ٣٧) فهذه مسرحيته طمرتها القمة الباردة بثلوجها كما قدمنا في هذه الكلمة
ومن عجائب التحصيل والروية والاجتهاد أن تدور هذه المسرحية حول الفكرة التي تدور حولها القصيدة وأن يكون ختام المسرحية والقصيدة واحداً لا تباين ولا خوف؛ فإذا دعا العقاد إلى النزول من هذه القمة والانحدار إلى الغور المتضرم بحرارة الحياة
إلى الغور!! أما ثلوج الذرى ... فلا خير فيها ولا فائدة
ختم بشر فارس مسرحيته أيضاً بالدعوة إلى النزول من الصعود المثلوجة بقوله:(خذا هذا الطريق، الذي لا نور فيه، الذي ينحدر)
من عجائب التحصيل والروية والاجتهاد أن يقع هذا كله، وأن تأتي عجائب أخر في التحصيل والروية والاجتهاد أيضاً من قصيدة للشاعر علي محمود طه عنوانها (قلبي)(ديوان الملاح التائه طبعه عام ١٩٣٤). في ختام هذه القصيدة يصف الشاعر الصراع بين القلب والعقل أو الشعور والعقل فيقول مخاطباً قلبه:
ووشيت حين أخبَّك الليلُ ... متمرداً تجتاحك النارُ
وبدا صراعك أنت والعقلُ ... ولأنّتما بحرٌ وإعصارُ
ما بين سلمكما وحربكما ... كونٌ يبين ويختفي كونُ
وبينمّا الدنيا وحسبكما ... دنيا يقيم بناءها الفنُّ
فيجيء الدكتور بشر فارس في عام ١٩٣٨ ليقول في هذا المعنى (يلتقي العقل والشعور فيتجاذبان المرء، ولكل منهما حظه من القوة والغلبة، وأما الجانب المظلم فحيث يقهر