الربيع. أي انخفاض مستوى نمو الأطفال وصعود نسبة الوفيات، فقد بقي سؤال آخر بلا جواب ألا وهو: أي نوع يا ترى يكون مرض نقص الفيتامين هذا الذي يسمى أول أعراضه وأولى صورة بمرض الربيع؟
ضمن أعراض مرض الربيع ظاهرة استعداد لحم الأسنان إلى الإدماء السريع حتى بأقل مجهود يبذل في تنظيفها، وتزداد هذه الظاهرة شدة وخبثاً وتتداعى عندها اللثة كلها إلى الإدماء وقد استعمل قديماً اسم الأسخربوط للتدليل على هذا المرض ولكنه نسخ بعدئذ بالتسمية الصحيحة بمرض نقص الفيتامينات. ويقابل الأسكربوط بالألمانية شاربوك، وهي منقولة عن الهولندية، شار بمعنى فتحة أو ثلمة، بك بمعنى فم، فيكون معنى الكلمتين مجتمعتين الفم الجريح أو الفم الدامي
ولقد كانت صورة المرض قديماً من البشاعة فوق ما يتصوره الإنسان، يدل على هذا البقايا العظيمة للجيوش الرومانية في عهود قياصرة الرومان وفي جيوش المحاربين الصليبين. ويُحدث المؤرخ السويدي أولاوس ماجنوس المولود عام ١٤٩٠ في كتابه (تاريخ الشعوب الشمالية) بإسهاب عن إصابة رجال السفن الشراعية من رائدي القطب الشمالي من البحاثين وتابعيهم ومن صائدي الحيتان والسمك. كذلك كان ينشب المرض أنيابه على اليابسة بين الناس وقت الحروب والأسر والمجاعات، وبلغ من شدة وطأته أحياناً في العصور الوسطى وفي أزمنة الشدة أن أعتبر في المدن الكبيرة بجانب أمراض التدرن من الأمراض المستعصية التي لا يرجى معها شفاء. كما تخذ في عام ١٩١١ في مدينة نوربنرج بألمانيا شكلاً وبائياً كارثاً إثر نكبة في المحاصيل الزراعية
وأعراض المرض في أواخر الشتاء أو أوائل أيام الربيع على المصابين هي التهاب اللثة وإدماء أغشية الفم المخاطية وإدماء ونزيف من الجلد والأنسجة والعضلات، ثم تثقل حركة الأرجل وتهزل هذه وتصاحبها آلام مبرحة في العضلات، وتفقد الأسنان تماسكها وارتباطها، وتضعف العظام وتصير هشة غضروفية. وإذا استمرت التغذية على ما هي عليه رغم هذه الأعراض فمصير المريض إلى التهلكة لا محالة. ولكنه إذا تنوع الغذاء وتعددت ألوانه وأضيف إليه الخضر واللحم الطازج، ولو بمقدار طفيف، تزول هذه الأعراض كما يزول كيد السحر