لم يبق شك بعد هذا في أن مرض الأسكربوط هو مرض غذائي. وفي أثناء الحملة الاستطلاعية التي قام بها شارل الثاني عشر ملك السويد على أراضي أوكرانيا في مستهل القرن الثامن عشر، عالج أطباء حملته مرضى الجنود بالاسكربوط بالحقن بواسطة إبرة من الخشب بمادة أتت بنتائج طيبة مما جعلها تلقى طريقها إلى مستشفيات برلين للعمل بها في علاج الاسكربوط. وقاوم الإيطاليون من قديم الزمن مرض الأسكربوط بعصير العنب، وصرح أحد الأطباء العسكريين النمسويين في عام ١٧٢٠ بأن عصير البرتقال والليمون أكثر فعلاً في مقاومة الأسكربوط وقد أخذت برأيه حينذاك رياسة البحرية البريطانية واستعملته في عام ١٨٠٤ فوق سفنها في علاج رجال بحريتها الذين انتشر بينهم هذا المرض الخبيث
ولقد ساعدت هذه المعلومات القديمة حتى حرب سنة ١٩١٤ في مقاومة ودفع مرض الأسكربوط بالرغم من وجود بعض الإصابات الشاذة التي لم تنجح مقاومتها. وانتشر المرض في بعض الأقاليم الريفية في روسيا التي تقتات بالحبوب وظهرت أعراض الأسكربوط بانتظام في بعض جهات ألمانيا والنمسا التي كانت تتناول غذائها من الأطعمة المحفوظة كاللحوم والبطاطس والخضر المجففة واللبن المكثف وتفشي كذلك بين الأتراك وأهل رومانيا ووجد مرتعاً خصيباً بين الأسرى الألمانيين والنمسويين الذين وقعوا في أيدي الروس. أما أثره في الكتائب الإنجليزية في العراق فيكفي أن أحصي عدد المرضى بالأسكربوط بأحد عشر ألفاً من الجند. وكذلك انتشر مرض الأسكربوط بين الأطفال في الجهات التي وقع عليها حصار بحري أو أرضي في الحرب الماضية، إذ تبعا لهذا الخناق وانقطاع الصلات عبر البحر أو الأرض لم يكن هناك غير اللبن المعقم للتدوال في إطعام الأطفال، واللبن المعقم تقل حتى تنعدم فيه الفيتامينات، وأخذ المرض في الأطفال شكلاً خاصاً وكان يخطفهم ويلقي بهم في دور الرعاية والمستوصفات حتى امتلأت بهم. وكانت أعراضه عليهم آلاماً حادة في العظام ومبرحة في الأطراف ومضخمة في المفاصل ومصحوبة بإدماء في الفم والجلد والأغشية المخاطية. وأما الظاهرة الهامة فهي الخوف الذي استحوذ على الأطفال من لمس أي شيء عفواً
وإذا ما أضيف إلى الغذاء أنواع أخرى منه غنية بالفيتامين كالإسباناخ مثلاً أو عصيدة