البنجر فلابد من أمل في الشفاء في أجل قصير. ويجدر بنا أن نورد هنا ما تصنعه كثير من الفلاحات الأوربيات اللائي لا يعرضن أبنائهن بأنفسهن بحكم الضرورة فهن يضعن بعضاً من البنجر المقشور في زجاجات لبن الأطفال
وحتى مع هذه النتائج والتجارب العديدة لم يتوصل أحد آنئذ إلى الكشف الصحيح أو إلى نتيجة حاسمة شافية تميط اللثام عن هذا المرض العضال الذي أخذ أشكالاً متعددة تارة عند الأطفال وأخرى لدى الكبار، وفي كل يبدأ على هيئة (مرض الربيع) وبين عامي ١٩٠٧ و١٩١٢ توصل بعض العلماء النرويجيين بناء على تجارب غذائية دقيقة إلى إثبات حقيقة مرض الأسكربوط بأنه مرض غذائي. فقد حضروا غذاء خاصا من الشعير واللبن والبرسيم والعلف الجافة خالية من الفيتامين الواقي من الأسكربوط وأطعموا منه عدداً كبيراً من الحيوانات، فما لبثت أن ظهرت عليها أعراض شديدة الشبه بأمراض الأسكربوط لدى الإنسان. وفي هذه الآونة فقط أمكن البحث وراء المواد الشافية التي تحتوي على هذا الفيتامين المضاد للأسكربوط، والذي أطلق عليه فيما بعد الفيتامين كما بدأت المحاولات لمعرفة الكميات اللازمة من هذا الفيتامين التي يجب أن تتوفر في الغذاء كي تقف وتحول دون ظهور أعراض المرض
وبما أن عصيري البرتقال والليمون يعتبران من المواد الشافية الواقية من الأسكربوط، فكان طبيعياً أن يبدأ البحث فيها لاستخلاص الفيتامين، وكان لابد من التغلب على بعض العقبات التي اعترضت مجرى البحث في تحضير هذا الفيتامين في هيئة بلورية نقية ثم الكشف عن تركيبه الكيميائي. ولهذا أبتدأ تاريخ البحث عن الفيتامين أشبه شيء بالقصة، وكان من الأمثلة الحية على تعاون العلماء في مختلف البلاد تعاوناً جدياً للوصول إلى الحقيقة رغم بعض الاقتراحات الخاطئة المخلصة التي كانت تعرقل البحث وتؤخره.