قد عرفناك فاختيارك إذ كا ... ن دليلاً على اللبيب اختياره!
كان لها معدى عن ذلك باختيار شعر آخر أو قصيدة أخرى لشوقي، وله في الوطنية شعر كثير، أو لحافظ وله قصائد متفرقة تفيض وطنية وحثاً على الاتحاد والائتلاف وتنديداً بالفرقة والاختلاف، ولكن محطة الإذاعة راقها مطلع القصيدة (إلام الخلف بينكمو إلاما) وملك عليها أمرها فلم تجد عنه منصرفاً! على إننا لا نفهم كيف أسمتها قصيدة (السودان) وأغل أبياتها التي غناها عبد الوهاب موجهة إلى (شهيد الحق) مصطفى كامل وكيف يوفق سامعوها بين عنوانها هذا وبين تلك الأبيات؟؟
٢ - على إن المحطة وهي تريد الدعوة إلى الائتلاف والاتحاد أغفلت الأبيات التي تؤدي إلى ذلك وتدعو له في القصيدة لأسباب يعلمها الله وحده! وإلا فهل دل على هذا الذي تهدف المحطة إليه من قول شوقي: -
لقد صارت لكم حكماً وغنما ... وكان شعارها الموت الزؤاما
وثقتم واتهمتم في الليالي ... فلا ثقة أدمن ولا اتهاما
ومن قوله: -
وكانت مصر أول من أصبتم ... فلم تخص الجراح ولا الكُلاما
إذا كان الرماة رماة سوء ... أحلوا غير مرماها السهاما
أبعد العروة الوثقى وصف ... كأنياب الغضنفر لن يراما
تباغيم كأنكمو خلايا ... من السرطان لا تجد الضماما؟
ومن قوله وقد يكون فيه دعوة واضحة صريحة إلى أن يكون الحكم في أيدي الأحزاب جميعاً متحدين مؤتلفين: -
ولينا الأمر حزباً بعد حزب ... فلم نك مصلحين ولا كراما
جعلنا الحكم تولية وعزلا ... ولم نعد الجزاء والانتقاما
وسنا الأمر حين خلا إلينا ... بأهواء النفوس فما استقاما!
ولكن الأمر ما أغفلت المحطة كل ذلك. . .
٣ - كان التلحين الذي غناها به محمد عبد الوهاب بعيداً غاية البعد عن المعنى المنشود، لقد كان هذا اللحن أبعد شيء عن معاني الوطنية والاستنهاض والدعوة السريعة العاجلة إلى