للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الظروف للالتجاء إليه! لهذا كان الانصراف عن المعهد خصوصاً من خريجي كلية العلوم الذين تتخاطفهم الشركات. ولهذا بقي هذا المعهد سنين طويلة وعدد خريجيه من قسم الرياضة والعلوم لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة. ولهذا وجدت في مصر أزمة شديدة في الحصول على هذا النوع من المعلمين. ثم أَّنا لم نواجه الأزمة مع الأسف بما تستحقه من عناية فوقفنا إزاءها مكتوفي الأيدي ننتظر كل عام ما يجود به المعهد من خريجين قليلين حتى اصطدمنا بالحقيقة الراهنة المؤلمة الخاصة بعدم وجود المعلمين الضروريين للمعاهد التي تنشأ ولملئ الوظائف التي تخلو، واضطررنا إلى حل تلك الأزمة بحلول سريعة غير موفقة كالاستعانة بغير الفنيين من حملة البكلوريا وغيرهم. وزادت بذلك هوة الخلافات في ثقافات القائمين على أمر إعداد النشء وتثقيفهم كما هوى مستوى التعليم نفسه هويا كبيراً. ولما أحسسنا بذلك أخذنا نعالجه بعلاجات وقتية ضئيلة الأثر كالدروس الصيفية لغير الفنيين وما إلى ذلك. ثم جاء تقرير مجانية الابتدائي وما تبعه من إقبال أبنائنا على هذا التعليم ضغثاً على أبالة، إذ اضطررنا إلى التوسع فيه دون أن نعمل أي ترتيب لإيجاد المعلمين الضروريين. وأصبح المدرس يواجه أمامه عدداً كبيراً من التلاميذ لم يسبق له مثيل في الفصل الواحد حتى أصبح عسيراً على المدرس الفني أن يسوس هذا الجم الغفير أو أن يفيدهم، فما بالك بالمدرس غير الفني أو المدرس الضعيف أو المدرس المبتدئ قليل الخبرة! إنها لحالة تستدعي الاهتمام وتستدعي العلاج. إن مسألة المعلم الكفء ذي الضمير الحي هي أول ما يجب أن تفكر فيه الدولة الرشيدة الحريصة على مستقبل أبنائها وتربيتهم وثقافتهم قبل أن تخطو خطوات واسعة في نشر تعليم مشكوك عند الكثيرين في صلاحيته من حيث نوعه ونظامه وإنتاجه. وإن التفكك والانحلال القائم في كثير من المعاهد بسبب وجود عناصر متعددة من المعلمين ذوي الثقافات المختلفة والآراء المتنافرة التي لا يمكن أن توحي بالانسجام والتعاون لكفيل بأن يبقي حالة المدرسة المصرية بعيدة كل البعد عن الأخذ بأساليب التربية الحديثة مهما دعونا إليها ومهما نبهنا إلى ضرورتها ومهما حاضرنا فيها. ذلك لأن عناصر المعلمين المتعددة المتنافرة لا يمكن أن تجد من تنافرها الوقت ولا أن تتملكها روح التوفر على البحث والعمل للصالح العام، فكل منها لاه بنفسه وبمستقبله الخاص وبالتعصب لثقافته وبالظهور على غيره. وهي أمور كلها تزيد في هوة الخلاف

<<  <  ج:
ص:  >  >>