المؤدي إلى التفكك والانحلال؛ وسيمتد ذلك التفكك والانحلال دائماً وبطبيعة ما للمدرسة من أثر في التكوين، إلى طبقات الأمة المختلفة خصوصاً منها أولئك الذين يتولون أعمالا موحدة ومرافق ذات غايات واحدة. ولن يمكن القضاء على تلك الخلافات وتوحيد الاتجاهات إلا بتوحيد الثقافات. ولن يتم لنا ذلك إلا بإيجاد المدرسة الموحدة التي تعد المعلمين الذين يقومون بتدريس مختلف العلوم في مدارسنا. أما وقد قُضي على مدرسة المعلمين العليا من زمن بعيد فلاشك في أن المصلحة تقضي بإدماج دار العلوم ومعهد التربية بعد شروط اللحاق بهما وجعلهما معهداً واحداً لإعداد معلمي المواد المختلفة. وإنا نسوق هذا الاقتراح للرجال المسئولين خصوصاً بعد تلك البحوث القيمة التي أجراها مؤتمر أساليب التربية الحديثة والتي تبين منها (أن الأمر يتطلب معلماً يفهم روح التربية وأهدافها فهما واضحا ويؤمن بها إيماناً قوياً يدفعه إلى الجهاد في سبيل تحقيقها) كما جاء في القرار الثاني من قرارات المؤتمر. ولا شك أن هذا المعلم النموذجي لن يندفع إلى ذلك الجهاد إلا إذا تعاون معه زملاؤه وأمن كيد عناصر أخرى تؤذيه في جهاده وقد تحاربه وقد لا تقدره. والمعلم الموحد الثقافة هو المعلم الوحيد الكفيل بالاضطلاع بهذا الجهاد في سبيل تحقيق الهدف المطلوب. يقول أحد قادة التربية الغربيين (أعطني المعلم الكفء واتركه بغير برامج يخرج لك من النشء رجالا. أما البرامج التي لا يقوم على تنفيذها المعلم الكفء مهما حسنت فإنها لا تخرج إلا أطفالا كباراً أشباه الرجال وما هم برجال) فمسألة المعلم الكفء الذي يفهم مهمته ويفهم روح التربية وأهدافها والذي يتعاون مع زميله على قدم المساواة لما بينهما من تجانس في التعليم والثقافة، وتوافق في الاتجاه والإحساس بالمسئولية هي مسألة المسائل ومشكلة المشاكل في مصر. وقد أعارها المؤتمرون جل اهتمامهم لأنها لا يصح أن تتجاهلها أية هيئة تعليمية
إن أمامنا مثلا رائعاً نحسه ونلمسه بين أيدينا اليوم يوضح لنا أثر الثقافة الموحدة في بناء كيان وحدات الأمة وتدعيمها وتقويتها. ذلك المثل هو جامعة فؤاد الأول بمختلف كلياتها. فقد ضن البعض في مبدأ تكوينها أن لا فائدة ترجى من الجمع بين عدة مدارس عالية وجعلها كليات في جامعة واحدة. فان ما يدرس في كلية الهندسة اليوم مثلا هو ما كان يدرس في مدرسة المنهدسخانة قديما مضافا إليه التطور الذي أوجده الزمن في فنون