للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد صار قلبي قابلاً كل صورة ... فمرعى لغزلان ودير لرهبان

وبيت لنيران ومعبد طائف ... وألواح توراة ومصحف قرآن

أدين بدين الحب أنى توجهت ... ركائبه، فالحب ديني وإيماني

ولم أكن أعرف ابن العربي، كما وصفه الشيخ صفي الدين ابن أبي منصور في تعابير صوفية رائقة، فقال إنه (الشيخ الإمام المحقق، رأس أجلاء العارفين والمقربين، صاحب الإشارات الملكوتية، والنفحات القدسية، والأنفاس الروحانية، والفتح الموثق، والكشف المشرق، والبصائر الخارقة، والسرائر الصادقة، والمعارف الباهرة، والحقائق الزاهرة، والمحل الأرفع من مراتب القرب في منازل الأنس، والمورد العذب في مناهل الوصل، والطول الأعلى في معارج الدنو، والقدم الراسخ في التمكين من أحوال النهاية، والباع الطويل في التصريف في أحكام الولاية. وهو أحد أركان هذا الطريق)

أو كما وصفه الذهبي: (وله توسيع في الكلام، وذكاء وقوة خاطر وحافظة وتدقيق في التصوف، وتآليف جمة في العرفان. ولولا شطحه في الكلام لم يكن به بأس. ولعل ذلك وقع منه حال سكره وغيبته)

أو كما وصفه المسدي: (كان ابن العربي ظاهري المذهب في العبادات، باطني النظر في الاعتقادات، خاض بحار تلك العبادات، وتحقق بمحيا تلك الإشارات، وتصانيفه تشهد له عند أولي البصر بالتقدم والإقدام، ومواقف الغايات في مزالق الأقدام)

أو كما قال أيضاً: (وكان جميل الجملة والتفصيل، محصلاً لفنون العلم أخص تحصيل، وله في الأدب الشأو الذي لا يلحق)

أجل لم أكن أعرف هذا جميعه عن ابن العربي، بل لم اكن أعرف كثيراً أو قليلاً عن أئمة المتصوفين لأني وصلت إلى دراسة التصوف متأخراً. . . بل إني لم اكن أتذوق كما يجب أشعار ابن الفارض لأني لم أكن افطن إلى كل معانيها الصوفية.

وأذكر اليوم في شيء من الخزي أن كبيرة أديباتنا العربيات زارت منذ سنين ضريح ابن الفارض بالقاهرة بسفح المقطم، أو كما قال حفيده الشيخ علي في رثائه المعرف (بالقرافة تحت ذيل العارض) ثم كتبت عنه مقالاً كله إطراء وثناء؛ وكان أن لقيتها بعد ذلك بالإسكندرية حيث كانت تصطاف وقلت لها: إني لا أشاطرها إعجابها به. فأجابتني بأنه

<<  <  ج:
ص:  >  >>