لا أقتني لصروف دهري عدة ... حتى كأن صروفه أحلافي
ويقول في هذا المعنى أيضاً:
وخبرت هذا الدهر خبرة ناقد ... حتى أنست بخيره وبشره
ثم يشرك معه بني حمدان في عدم المبالاة بالدهر:
نظرنا إلى هذا الزمان بعينه ... فهان علينا ما يشت وينظم
ولكنه بعد هذا التجلد للدهر والاستهانة به يكرر التظلم منه. فالشيب عنده أهون رزايا الدهر:
وقلت الشيب أيسر ما ألاقي ... من الدنيا وأيسر ما أداري
وهو في استعطاف سيف الدولة يعده جنة من ريب الدهر:
فقولا له يا صادق الود إنني ... جعلتك ما رابني الدهر مفزعا
ويعجب أن ينكر عليه سيف الدولة شكوى الزمان:
أتنكر أني شكوت الزمان ... وأني عتبتك فيمن عتب
ويستعطف سيف الدولة بأن حوادث الأيام جرحت قلبه:
زماني كله غضب وعتب ... وأنت عليّ والأيام إلب
فلا تحمل على قلب جريح ... به لحوادث الأيام ندب
ثم يشكو تعاون سيف الدولة مع الدهر على اضطهاده:
فيا حكمي المأمول جرت مع الهوى ... ويا ثقتي المأمول جرت مع الدهر
ثم يستضعف أبو فراس نفسه - على غير عادته - ما لم يعاونه أصدقاؤه على صد هجمات الدهر، ولذا يتغاضى عن ذنوبهم، لكيلا يذروه وحده أمام الدهر:
واعلم إن فارقت خلاً عرفته ... وحاولت خلاً أنني غير واجد
وهل نافعي إن عضني الدهر مفرداً ... إذا كان لي منهم قلوب الأباعد
(البقية في العدد القادم)
محمد محمد الحوفي