للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وحاول أن يحل محله؛ ولكن أبا المعالي وقر عويه هزماه، ويقال إنه قتل في هذه المعركة وبعد:

فليس بدعاً من أبي فراس أن يردد الشكوى من الدهر، ويحقد عليه في كل قول، بعد أن حاربه في أبيه، وفي أصدقائه، وفي أمانيه

وليس الذي لفتنا في شعر أبي فراس مجرد الحديث عن الدهر، ولكنه تكرار هذا الحديث حتى ليصح أن نسمي شعره بالشعر الدهري ثم اتفاق كل هذه الأحاديث الدهرية على لعنة الدهر، والثورة على صروفه وظروفه.

فترى أبا فراس يصور الدهر المدافع لطموحه مماطلاً يدافع غريمه:

تطالبني بيض الصوارم والقنا ... بما وعدت جدّي فيّ المخايل

ولكن دهراً دافعتني صروفه ... كما دافع الدين الغريم المماطل

ويقول لسيف الدولة أول أسره:

وما أنا إلا بين أمر وضده ... يجدد لي في كل يوم مجدد

فمن حسن صبر بالسلامة واعد ... ومن ريب دهر بالردى متوعد

ويذكر أن أصحابه يوم أسره، كانوا قد أشاروا عليه بأن يحجم فرفض وأن الدهر هو المسئول عن إخفاقه في هذا اليوم:

يقولون جاهد عادة ما عرفتها ... شديد على الإنسان ما لم يعود

فقلت: أما والله ما قال قائل ... شهدت له في الخيل ألأم مشهد

ولكن سألقاها فإما منية ... هي الطعن أو بنيان عزّ مشيد

ولم أن الدهر من عدد العدا ... وأن المنايا السود يرمين عن يد

ثم يحاول أن يثبت أمام طعنات الزمان، وأن تصدق فراسته فيه، فيقول:

وقور وأهوال الزمان تنوشني ... وللموت حولي جيئة وذهاب

وألحظ أهوال الزمان بمقلة ... بها الصدق صدق والكذاب كذاب

ويقول:

ومن ورد المهالك لم ترعه ... رزايا الدهر في أهل ومال

وقد حالفته صروف الدهر حتى توهمت نفسه أنه لا يعتد لها، لأنه ألِفها:

<<  <  ج:
ص:  >  >>