للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكانت مدام دي لوزي ظاهرة الهدوء، يعظم حظها منه كلما قرب الخطر.

قالت لنصعد إلى الطبقة الثانية؛ فقد نستطيع أن نرى من ثنايا النافذة ما يحدث خارج البيت.

ولكنها لم تكد تفتح الباب، حتى رأت في الدهليز رجلا ممتقعا مختلط الهيئة، تصطك أسنانه، وتصطدم ركبتاه من الاضطراب. وكان هذا الشبح يغمغم بصوت مختنق: أنقذوني خبئوني!. . . ها هم أولاء. . لقد اقتحموا بابي؛ وأغاروا على حديقتي. . هم يدنون. .

- ٢ -

عرفت مدام دي لوزي (بلونشونيه) الفيلسوف الذي يسكن الدار المجاورة، فسألته في صوت شديد الخفوت:

هل بصرت بك طاهيتي؟ فهي يعقوبية!

أجاب لم يرني أحد.

قالت الحمد لله، أيها الجار!

ثم قادته إلى غرفة نومها حيث تبعتهما. ولم يكن بد من الحيلة، ولم يكن بد من أن تجد مخبأ تخفي فيه (بلونشونيه) أياما، أو ساعات على الأقل، حتى تخدع الطالبين وتتعبهم. واتفقنا على أن أراقب المسالك إلى البيت حتى إذا آذنتهما أنسل الصديق البائس من باب الحديقة الصغير.

ولم يكن في أثناء ذلك يستطيع أن يثبت على قدميه. كان رجلا مصعوقا.

وحاول أن يفهمنا أنهم يجدون في طلبه، هو عدو القسيسين والملوك، لأنه إئتمر بالدستور مع مسيو (دي كزوت) وأنضم في ١٠ أغسطس إلى المدافعين عن قصر التويلري. ولم يكن هذا كله الا اتهاماً دنيئاً. إنما الحق أن (لوبان) كان يتبعه بحقده وموجدته؛ كان لوبان جزاره، وكثيرا ما هم أن يضربه بالعصا ليأخذه بأن يحسن وزن اللحم، ولكنه الآن يرأس لجنة الحي الذي يقوم فيه حانوته.

وبينا هو يغمغم بهذا الاسم مختنق الصوت، خيل إليه أنه يرى لوبان نفسه، فأخفى وجهه بيديه. وكان لوبان يصعد حقا في السلم. فأحكمت مدام دي لوزي رتاج الباب ودفعت الشيخ خلف ستار. ودق الباب، وعرفت بولين صوت طاهيتها، التي كانت تصيح بها أن افتحي،

<<  <  ج:
ص:  >  >>