وادعى إلى الضحك من هذا ما حدث به الجاحظ فقال: كان يحضر إلي رجل فصيح من العجم فقلت له: هذه الفصاحة وهذا البيان لو ادعيت في قبيلة من العرب لكنت لا تنازع فيها، فأجابني إلى ذلك! فجعلت أحفظه نسباً حتى حفظه وهذَّه هذَّاً، فقلت له: الآن لا تته علينا! فقال: سبحان الله إن فعلت ذلك فأنا إذاً دعي!!
وشبيه بهذا الأعجمي المتفاصح ذلك القاص المتعالم الذي أشار إليه الجاحظ فقال: وكان عندنا قاص أعمى ليس يحفظ من الدنيا إلا حديث جرجيس، فلما أخذ فيه بكى واحد من النظارة فقال القاص: أنتم بأي شيء تبكون؟! إنما البلاء علينا معاشر العلماء!!
فالجاحظ لا شك كان رجلاً ضُحَكة ضُحْكة، ومضاحيكه كما قلنا - تمتلك اللب، وتهتاج النشاط، وتدفع إلى الضحك دفعاً. . .