حضارة بابل. وكانت مدينة نينوى لعهد طويل عاصمة لها، وهي واقعة على الضفة الشرقية لنهر دجلة أمام مدينة الموصل الحالية، وفيها ظهر الفن الآشوري الرائع في المرحلة الزمنية المحصورة بين القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد، واستمر التقدم في هذه الفترة حتى تأسيس مملكة آشور، وازدهار الفن في عصر ساراجون (٧٢٢ - ٧٠٥) وسانهريب (٧٠٥ - ٦٨١) وأسور بانيبال (٦٦٨ - ٦٢٦ ق. م.) ولم يتدهور الفن إلا في عصر نابوبولاسر واتجه بعد ذلك اتجاهاً آخر عندما حكمها كيروس بن قمبيز سنة ٥٣٩ ق. م. وضمها إلى مملكة الفرس
هذا سرد تاريخي بسيط اقتصرت فيه على ما لا استغناء عنه لمن يود الوقوف بشكل إجمالي على الحالة التي نشأ خلالها الفن البابلي الآشوري، الذي ينقسم إلى عمارة ونحت وتصوير كالفن المصري والإغريقي وغيرهما
ونظراً لقلة الأحجار في هذه البلاد، تجد أن العمارة لم تكن رائعة، فضلاً عن تهدمها جميعها لضعف اللبن الذي استخدم في معظم مبانيها إلى جانب الآجر
وبالدراسة الإجمالية لبقايا العمارة البابلية الآشورية، يمكننا أن نعرف أنها خلت من الأعمدة التي كانت من أهم مميزات الفن المصري والإغريقي، ولذلك تجد أن الحوائط كانت سميكة إلى حد بعيد، فضلاً عن إقامة أكتاف لها من البناء لتساعد على تقوية الحوائط المرتفعة.
إلا أن لبابل وآشور ميزة قد تعادل النقص الناشئ عن عدم إنشاء الأعمدة، وهي القباب التي بنيت على هيئة نصف كرة والقبوات التي أقيمت على شكل عقود نصف دائرية أو نصف بيضاوية، بجانب السقف المسطحة التي كانت فوق أعمدة ارتكزت على أكتاف الحوائط
ودفع التحضر أهل بابل وآشور إلى وجوب زخرفة مبانيهم، فتراهم أحرقوا الطوب وصقلوا سطحه بالحرارة حتى أصبح لامعاً كالصيني، فأعطى لهذه المباني شيئاً من الجمال والبهجة علاوة على الرسوم والتصاوير التي عملت عليها، والتي مكنتنا من تحديد درجة تحضرهم.
وإذا قارنا معابد بابل وآشور بالمعابد المصرية، نرى أنها أقل فناً منها، ذلك من حيث هندسة البناء، والإنشاء الكلي وجمال الطراز