تلتمس المعاذير لاضطهاد هذا المجتمع ومطاردته. فهي تخشى من أن يعود إلى الثورة، وهي تخشى من صلاته المستمرة مع مسلمي أفريقية، وكان التنصر المطبق قد عم الموريسكيين وغدا أبناء قريش ومضر بحكم القوة والتطور نصارى وقشتالين، يشهدون القداس، ويتكلمون القشتالية؛ غير انهم لبثوا مع ذلك في معزل تلفظهم أسبانيا النصرانية وتحيطهم بريبها وبغضها؛ وكانت ثمة منهم جموع كبيرة في بلنسية ومرسية؛ ففي عهد فيليب الثالث اتخذت أسبانيا النصرانية خطوتها الحاسمة، وأصدرت قرارها الشهير في صحف الاضطهاد، بنفي الموريسكيين أو العرب المنتصرين من أسبانيا، وإخراجهم نهائياً من جميع الأراضي الأسبانية (سنة ١٦٠٩م - ١٠١٧هـ) وحشدت السفن لنقل من كان منهم في الثغور إلى أفريقية، ونزح سكان الشمال منهم إلى فرنسا حيث استقروا في لانجدوك وجويان، وبذلك انتهى الفصل الأخير، من مأساة الموريسكيين وطويت صفحة شعب من امجد عصور التاريخ وحضارة من اعرق حضاراته
ولكن فلك التاريخ يسير بلا هوادة؛ فقد كانت مأساة الموريسكيين ضربة لأسبانيا النصرانية ذاتها، وكانت بدء عصور التدهور والانحلال التي مازالت تتخبط أسبانيا في ظلماتها
وهل يكون من عدالة الله في أرضه وبين شعوبه أن تجتاح أسبانيا النصرانية اليوم موجة مدمرة من الحديد والنار تحصد أبناءها وحضاراتها حصداً؟ وهل تكون الحرب الأهلية الأسبانية نقمة الموريسكيين تلحق أسبانية بعد أربعمائة عام؟