بالمصحف الذي وضع في ذيل الطبعة التي أمر بها حضرة صاحب الجلالة الملك فؤاد الأول سنة ١٣٤٧هـ
وأما إنشاء علامات ترقيم أخرى للدلالة على أن الجملة استفهامية مثلاً، ومقولة لقول سابق أو محذوف، فلا ترى اللجنة مانعاً منها بشرط أن يوضع بشكل لا يوجد لبساً على القارئ فقد كان المصحف الكريم مجرداً عن (التعشير) و (الإعجام) و (النقط) و (رموز الوقف) ثم أحدث كل ذلك واستحسنه كثير من العلماء حفظاً للآي وضبطاً للإعراب خصوصاً للأعاجم وغيرهم ممن لا يحسنون العربية، قال الزيلعي من علماء الحنفية: هو وإن كان محدثاً فمستحسن، وكم من شيء يختلف باختلاف الزمان والمكان. اهـ
وأما طبع المصحف الكريم على قواعد الرسم الكتابي العادي المتبع الآن، فاللجنة ترى لزوم الوقوف عند المأثور من كتابة المصحف وهجائه وذلك لأن القرآن الكريم كتب وقت نزوله على النبي صلى الله عليه وسلم، ومضى عهده صلى الله عليه وسلم والقرآن على هذه الكتبة لم يحدث فيها تغيير ولا تبديل، وقد كتبت بها مصاحف عثمان، ووزعت على الأمصار لتكون إماماً للمسلمين، وأقر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عمل عثمان رضي الله عنه، ولم يخالفه أحد فيما فعل؛ واستمر المصحف مكتوباً بهذا الرسم في عهد بقية الصحابة والتابعين وتابعي التابعين والأئمة المجتهدين في عصورهم المختلفة ولم ينقل عن أحد من هؤلاء جميعاً أنه رأى تغيير هجاء المصحف عما رسم به أولاً إلى تلك القواعد التي حدثت في عهد ازدهار التأليف والتدوين في البصرة والكوفة، بل ظل مصطلح القرآن قائماً مستقلاً بنفسه بعيداً عن التأثر بتلك القواعد.
ولا ريب أنه وجد في تلك العصور المختلفة أناس يقرؤون القرآن ولا يحفظونه وهم في الوقت نفسه لا يعرفون من الرسم إلا ما وضعت قواعده في عصر التأليف والتدوين وشاع استعمالها بين الناس في كتابة غير القرآن، ولم يكن وجود هؤلاء مما يبعث الأئمة على تغيير رسم المصحف بما تقضي به تلك القواعد.
قال العلامة نظام الدين النيسابوي في كتابه (غرائب القرآن ورغائب الفرقان) ما نصه:
(وقال جماعة من الأئمة: إن الواجب على القراء والعلماء وأهل الكتاب أن يتبعوا هذا الرسم في خط المصحف، فإنه رسم زيد من ثابت، وكان أمين رسول الله صلى الله عليه