للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومغنيات خصصن لخدمة المعابد برقصهن وغنائهن

ولعل الطابع المميز لهذه المنحوتات أنها كانت لا تمثل الحقيقة الخالصة في مجموعها، وهذا يخالف بالطبع ما سبقت مشاهدته من منحوتات الإغريق (راجع الرسالة: أكروبوليس أثينا - النحت) ولم تكن هذه الظاهرة لتمنع من تمتعها بقسط كبير من الحياة وجمال التكوين. فالآلهة التي نحتت بحيث كان لها ستة أيد كانت وجوهها وملامحها دقيقة الإخراج، بدت عليها مظاهر العظمة الدينية. هذا فضلاً عن الدقة والعناية في سير خطوطها التحديدية ولاسيما في الأشكال التي مثلت المرأة عندما عُني الفنان بإظهارها رشيقة

وتناول النحت الهندي ناحية أخرى جديرة بالتسجيل، وهي ناحية المناظر الدراماتيكية، منها قطعة مشهورة اسمها (تطاحن الآلهة)، وأخرى اسمها (أحلام الوصول) وهما وإن كانتا من المناظر الدينية، إلا أنهما أقرب إلى تمثيل النفس الفنية، وما يمكن أن تسبح فيه من خيال، وقد تمكن الفنان من إخراجهما بقوة تمثلت في إظهار فهمه للطبيعة وما يدور فيها من مظاهر الحياة

وتكاد تكون مجموعة معبد إيللورا (راجع المقال السابق) وكدشوارو من خير ما تركه الفن الهندي في النحت

أما التصوير فكانت غالبية مرسومة على حوائط المعابد، إلا أنه مع الأسف لم يبق منه شيء كثير من القطع الكبيرة

ويغلب على الظن أن أروع مصورات هندية هي تلك التي على حوائط معبد أدشونتا (القرن الخامس بعد الميلاد)، وتمثل بوذا والاحتفالات الدينية، وبعض مناظر الحروب والصيد، وكانت خالية من قواعد وأصول الرسم المنظور، ولكن هذا لا يمنع من اعتبار خطوط التحديد جيدة لدرجة أكسبت الأجسام شيئاً كثيراً من الروعة والحياة

أما الألوان فكانت قوية اختارها الهنود جذابة للنظر لما غلب عليها من دقة الاختيار وحسنه. ويتلخص التطور الذي طرأ على فن التصوير الهندي في أن المساحات المشغولة به كانت كبيرة، ثم أخذت في الصغر حتى أصبحت تقرب من تلك التي تعلق على الحوائط في أيامنا هذه، بل إن الكثير منها رسم في مساحة الكتب العادية

<<  <  ج:
ص:  >  >>