وإذا شاء الأستاذ أن يعرف نوع هذا الشذوذ، فليعلم أن هذه السوأة التي كشف عنها من قدَّمها للناس، لم يستطيع أشد تلاميذ الرافعي إخلاصاً له أن يبلعها، ولقد حاول أن ينحيها - في خفة - عن أعين النظارة، وهو يزن حسنات الرافعي، ويزعم وزن سيئاته، حتى لا تهبط هذه السوأة بالكفة إلى الحضيض لو هي لامست الميزان. وكان هذا عدالة منه من هذه (العدالات) الفريدة التي يتشح بعض الناس بوشاحها
فالأستاذ سعيد العريان يقول:(من قرأ (على السفود) فعابه على الرافعي وأنزله غير ما كان ينزله من نفسه. . . الخ)
وإذا قال الأستاذ سعيد مثل هذا، وهو يدغم الكلام، ويدحرجه ليبعد بهذه السوأة عن الأنظار، فالذين لم يصابوا بعد بداء العدالة التاريخية يستطيعون أن يعرفوا مقدار شنعتها
ولولا أنني أكرم أسماع القراء وآدابهم وإنسانيتهم من التدهور أو التأذي والتأفف، لنقلت لهم شيئاً من (على السفود) الذي لا يعتبر تقديمه ونشره وترويجه شذوذا، ولا مناصرة لأديب على أديب، ولا تدخلاً في الشخصيات، وإنما يعتبر نصرة لمذهب بيّن على مذهب بيّن في الآداب والآراء!
أما قصة الموت والموتى، فقد أسلفت الحديث عنها في الكلمة الفائتة، وبهذه المناسبة أقول للزميل الودود الأستاذ سعيد: إن زميله سيد قطب ليس هو الذي يمزق الأكفان بالأظفار، والذي يمزق بظفره، مخلوق آخر، أكرم آدابي وآداب الناس أن أقول: إن الأستاذ أو أحد زملائه من فصيلته! خشية أن نتدهور خطوة أو خطوتين بعدها فيصبح من النقاش (الأدبي) المعترف به، أن يقول الواحد للآخر:(يا ابن الـ. . .) ويكون هذا من أساليب النقاد!
بقي الرجل (الذي له عمل يملأ يومه ونهج يدبر حياته). وقد أكرمته وأكرمت (دمشق عن مناقشة قوله فأبى، وما زلت على رأيي الأول.
ولكني أرى من حق سوريا الشقيقة عليّ، وأنا ممن يحفلون بالدعوة إلى الرابطة الشرقية، أن أنفي عن (دمشق) وأهلها، ما قد يتبادر إلى نفوس المصريين من تقدير لها ولأهلها على أساس كلمات الأستاذ.
فليس كل من في (دمشق) يجهل الأدب والأدباء في مصر، ولا يطلع على كل الصحف الراقية هنا، حتى يكون ممن لم يروا (سيد قطب) إلا للوهلة الأولى. ولعل للأستاذ عذرا من