قلت:(سامحك الله. وخذي كلاماً آخر لا تصدقينه. . . كما أن الإنسان لا يستطيع أن يصبر على طعام واحد، فلا يأكل سوى الملوخية مثلا، كذلك لا صبر للإنسان على امرأة واحدة. وصدقي هذا أو لا تصدقيه، فأنت حرة؛ ولكن ثقي أن من يقول لك غير هذا يكون خادعاً أو مخدوعاً: خادعاً إذا كان يدرك الحقائق، ومخدوعاً إذا كان مثلي يأبى أن يواجهها، وأنا أعرف منك بالحياة وأخبر. الرجال جميعاً خوانون غدارون - إذا صح أن نسمي غدراً وخيانة ما ليس سوى نزول منهم على حكم الطبيعة)
فقالت بسرعة:(هذا صحيح. . . كلهم خائن)
قلت:(لا تعجلي فالنساء أيضاً مثل الرجال. والطبيعة واحدة يا ستي!) فلم تقتنع يا أخي، وقد تعبت ومللت، وخطر لي مراراً أن أتركها وشأنها، ولم أكتمها أني ضجرت من هذا الحب، ولكني أشفق عليها وإن كان هذا الحب منها يغيظني ويحنقني. وما ذنبها إذا كانت لا تستطيع أن تدرك هذا الذي أبينه لها؟؟ ثم إن عقولهن غير عقولنا - نحن الرجال عقولنا في رؤوسنا، أو نحن على الأقل نتوهم ذلك، أما النساء فعقولهن ليست في رؤوسهن - هذا محقق - وقد قلت هذا مرة، فثارت علي فتاة ذكية جميلة مثقفة وسألتني وهي محنقة (أين إذن عقل المرأة إذا لم يكن في رأسها؟) فحرت كيف أجيب، وكان الجواب حاضراً ولكن الإفصاح عنه لا سبيل إليه، وألهمني الله أن أخرج من المأزق بقولي (عقولهن في قلوبهن) فأرضاها هذا التعبير الحسن عن معنى يعده الجهلة سيئاً وما هو بسيئ، وإنما هو الطبيعي. فكيف تريد مني وهذا تصوري للأشياء أن أعرف الحب كما تريد النساء والشبان أن أعرفه. . . خيالات وأوهاماً وأباطيل ما أنزل الله بها من سلطان، ووفاء وحفاظاً إلى آخر هذا الهراء الذي لا يكون؟؟
فهز رأسه متعجباً، ولم يقل شيئاً، فحمدت الله واغتنمت فرصة سكوته واستأذنت في الانصراف