للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ب - لا شك أن من يستحق الرحمة والرثاء هو ذلك الشقي الذي يموت ظلماً وعدوناً!

ط - ولكنه - مع ذلك - أقل في شقائه وفي جدارته بالرحمة والرثاء من ذلك الذي قتله ومن ذلك الذي مات موتاً عادلاً

ب - وكيف ذلك يا سقراط؟

ط - ذلك لأن أفدح الشرور هو ارتكاب الظلم!

ب - أيكون ارتكاب الظلم أفدح الشرور ولا يكون تحمله أفدح من ارتكابه وأنكى؟؟

ط - كلا يا بولوس!

ب - وإذاً فأنت تفضل احتمال الظلم على ارتكابه؟!

ط - لست ارغب في هذا ولا ذاك. ولكن إذا وجب عليّ إطلاقاً أن اختار بينهما فأني أفضل احتمال الظلم بدلاً من ارتكابه!

ب - وإذاً فسوف لا تقبل أن تكون طاغياً؟

ط - كلا. إذا كنت تفهم الطغيان كما أفهمه!

ب - إني لأعيد عليك فكرتي عنه وهي أن يفعل المرء ما يشاء في الدولة من قتل ونفي إشباعاً للذاته!

ط - حسن جداً يا بولوس، فاسمح لي إذاً أن أتكلم وأنقدني عندما يحل دورك. هب أني أخفيت خنجراً تحت إبطي ثم جئتك في الوقت الذي يزدحم فيه الميدان العام بالجمهور وقلت لك:

(إني لأرى نفسي حائزاً لقوة هائلة تعدل قوة الطاغية، فإذا قررت أن الأصلح هو أن يموت أحد هؤلاء الذين تراهم فإنه يموت في الحال، وإذا قررتُ أنه يجب أن تتحطم رأس أحدهم فإنها تتحطم فوراً، وإذا قررت أنه يجب تمزيق ثيابه فإن ثيابه تتمزق ما دامت قدرتي عظيمة في المدينة). . . فإذا رأيت بعد ذلك أنك لم تصدقني أبرزت لك خنجري! ولكنك قد تقول لي حينئذ: (وإذاً يستطيع كل الناس على هذا الأساس أن يكونوا أقوياء لأنهم يستطيعون بنفس الطريقة أن يحرقوا المنازل التي يريدونها، ومخازن أسلحة الأثينيين وسجونهم، بل وكل السفن التجارية الحكومية والأهلية!). . . فترى هل تعتقد أن عظمة القوة قائمة في أن نعمل ما يسرنا أن نفعله؟؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>