هي آراء صارمة تتخطى القيود والحواجز، آراء تستمد الحجة من منطق القلب أكثر مما تستمده من منطق العقل، وإنها لتشتد صرامة وعنفاً إذا ما انطلقت في جانب الوطن والقومية العربية، فأنت إذ تسمعها في (يوم الإسكندرونة) وفي (موقف لبنان من الأقطار العربية) وفي تحيتها (إلى شباب النادي العربي) وفي حديثها عن (أثر المرأة في النهضة القومية) نعم أنت إذ تسمعها في هذه المواقف وأشباه هذه المواقف فإنما تسمع زئير الأسد الهائج لا بغام الظبية الشادية!
وهي مشاعر مرهفة تفيض بكثير من حر الجوانح والألم الممض، فأنت إذ تنصت إليها وهي تتحدث عن (النفس الحيرى) و (الوفاء المفقود) و (الضحكة التي تخرج من أعماق النفس) وفي رسالتها (إلى مي) خلبك منها الشعور الدقيق الرقيق، والأناقة الفنية، والنعومة الرافهة، كما يقول الأستاذ خليل مردم
وهذه الآراء وتلك المشاعر هي زفرات متقطعة صعدتها الآنسة المهذبة في فترات مختلفة على صفحات الصحف المصرية والسورية فجاءت قطعة من نفسها وروحها تجري في أسلوب له رنين صوتها وجرسه، وإن كان لا يخلو من هفوات في اللغة والنحو. وإذا كان للآنسة من الآراء والمشاعر ما لا يوافقها عليه القارئ فأحسبها قد تحللت من هذه المؤاخذة إذ سمت كتابها (آرائي ومشاعري)، ولكل إنسان رأيه في الحياة، وليس من الإنصاف أن يتحكم إنسان في شعور إنسان!
- ٢ -
قد يكون من الصعب على الباحث وخصوصاً في الأدب العربي أن يتبين شخصية الشاعر واضحة صريحة في قصائده ومطولاته التي يحفل لها بقوة الأسلوب، ومتانة القافية، ونباهة الموضوع. فكثيراً ما يضطر الشاعر في مثل هذه المواقف إلى تملق العواطف في الناس، أو مراعاة الرغبة عند حاكم مسلط، ولكنك قد تتبين شخصية هذا الشاعر على أجلى ما تكون في مقطوعة يرسلها على هواه، أو أبيات صغيرة يقولها فيما بينه وبين نفسه!
وهذه الأشعة الملونة للشاعر أحمد الصافي النجفي هي نبرات متقطعة، وألحان قصيرة أرسلها في لحظات متباينة؛ ونظمها في ظروف مختلفة، وفي نواح متعددة من نواحي الحياة، وفي مكنونات النفس البشرية، ورسوم الأخلاق، وشواذ الكون، وغرائب البشر،