بعدت عنا نحو الشرق) وبعد ساعة من الشط مررنا بعيون موسى وهي عبارة عن واحة صغيرة قريبة من الخليج خالية من السكان وبها عين ماء راكدة ونخيل وبعض أشجار أخرى.
وعند الظهر قطعنا وادي الغرندل. وهو واد عريض يسير من الشرق إلى الغرب، كثير الشجيرات، وافر الكلأيتوسطه مجرى من الماء العذب. وبعد وادي الغرندل تتغير طبيعة الطريق فيصير صخريا في كثير من أجزائه كثير التعاريج والالتواءات بين انخفاض وارتفاع، وتقوم في جهته الغربية سلسلة من جبال عالية تحجب البحر ونسيمه. وقبيل العصر برزت أمامنا جبال المنجنيز بلونها الأدكن وعلوها الشاهق. وبعد أن مررنا بوادي الطيب وهو كوادي الغرندل كثير الماء، أنعطف الطريق نحو الغرب وبعد أن اجتزنا مضيقاً بين جبلين، انحدرنا نحو البحر إلى سهل واسع مواز للخليج تقع أبو زنيمة في طرفه الجنوبي وعلى مرفأ صغير للسفن وهي عبارة عن قرية صغيرة بها منشئات شركة المنجنيز ومستودعاتها ومساكن الموظفين والعمال ومسجد ومدرسة أولية ونقطة بوليس ومكتب للبريد والتلغراف ودكان صغير (كانتين) قد يجد فيها المسافر بعض ما يلزمه كالأطعمة المحفوظة والبنزين والسجاير، وبالقرب من الدكان المذكورة مستودع للماء العذب الذي يؤتى به من السويس في البواخر والشركة تعطيه للمسافر من غير مقابل.
كان وصولنا إلى أبي زنيمة قبل الغروب بساعة فلم نشأ المبيت بها بل تابعنا السير والطريق بعدها لمسافة ليست قصيرة ضيق يسير فوق صخور عالية تشرف على البحر من جهة وتحف بها الجبال من الجهة الأخرى، وعند الغروب وصلنا إلى نقطة بوليس لخفر السواحل واقعة على البحر تبعد عن السويس نحو ١٥٤ كيلومتراً فبتنا بالقرب منها. وفي صباح اليوم الثالث تابعنا السير جنوباً في الطريق المؤدي إلى الطور مبتعدين عن الطريق الشرقي للدير لكثرة رماله الناعمة وهو الذي تسلكهعادة سيارات مصلحة الحدود. وعند الظهر وصلنا إلى نقطة تفرع منها طريقيتجه شرقاً وهو طريق وادي فيران الموصل إلى الدير فتبعناه وبعد ساعة (وكان تقدمنا بطيئاً جداً لليونة الأرض وكثرة الجلاميد بها) دخلنا وادي فيران العظيم، وهو من أجمل الوديان التي شاهدتها. طوله نحو ١٢٠كم، كثير التعاريج وجباله جرانيتية شاهقة ذات ألوان متعددة بين أبيض وأسود وأحمر، وجوانبها