للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمقياس، والأنبوبة والمخبر، والأملاح والأحماض التي يستطيع أن يحول بها الغريزة الجنسية إلى الغريزة الفنية، والغريزة الفنية إلى الغريزة الجنسية ليصدق بعد هذا عقله الثقيل المتشكك أن هناك وحدة تجمع بين الاثنين.

والى أن يصل العلم إلى استنباط هذه الأدوات التي لا يفهم شيئاً إلا بها يستطيع المتحررون من أغلاله وقيوده أن يضربوا في السماء بحثاً عن هذه الصلة، وأن يتركوه في معمله يتخبط بين الشك والخور لعله مهتد يوماً إلى تركيب (حقنة) من الشعر، أو (برشامة) من النغم! فليبق العلم في معمله، وليدع العلماء المراهقين إلى الفنون الجميلة، وليعللوا دعوتهم هذه بأن الفنون الجميلة تبعث في النفس الخيال، وتلهب فيها العاطفة، أو فليقولوا على العكس من هذا إن الخيال والعاطفة هما اللذان يبعثان في النفس الفنون الجميلة، أو فليقولوا ما شاءوا من أمثال هذا القول المخلخل الذي لم يضغطه الإيمان ولم تتماسك به الثقة.

لندع العلماء إذن يترددون ما طاب لهم التردد، ويتوجسون ما حلا لهم التوجس، ولنمض نحن مع أولئك المتحررين من الأغلال والقيود، ولنرهم كيف يدركون الصلة بين الغريزة الجنسية والفنون الجميلة.

وقد عودنا هؤلاء المتحررون المتطايرون أن يلتووا على عقولنا قبل أن يهدونا إلى ما يعلمون من الحق، كأنما يأبون إلا أن يعابثوا العقل وأن يذلوه قبل أن يقودوه إلى النور ويلهموه. ولكنهم على أي حال أحب إلى النفس وأرحم من الأنابيب والأملاح. . . فلنحتمل معابثتهم إذن ولنسألهم:

- كيف تجدون الصلة بين الغريزة الجنسية والفنون الجميلة؟

ولكنهم يسألوننا: وكيف تجدون الصلة بين الشحم والنبوة؟

- وهل هذا سؤال بالله عليكم؟ إننا لا نجد شيئاً.

- إن هناك أشياء. فلو أنكم عدتم إلى سير الأنبياء لوجدتموهم يكثرون من الصوم، ويخففون من الطعام. ولو أنكم عدتم إلى سيرة النبي الأكمل محمد لرأيتموه يصوم كلما اعتزم أمراً جللاً، وكلما هم بغزوة أو حرب. وإذا اعتبرتم (غاندي) الهندوكي التقي الخارق المعجب وليَّاً من أولياء الله كما نعتبره نحن فإنكم لابد معتبرون بحرصه على الصوم كلما احتاج إلى التجلد والتعزز في قيادة أنصاره ومقاومة خصومه. أفلا ترون في هذا كله صلة

<<  <  ج:
ص:  >  >>