للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وهو الفقيرُ إلى مَرَاحِمِ رَبِّهِ ... ما أحْوَجَ الإنسانَ للغُفرَان!

لوْ ناقَشُوكَ وجَادَلوك بحِكمةٍ ... وهَوَادَةٍ، وتَرَفُّقٍ، وَلَيان

لرَجعتَ عن رَأىٍ تَبيَّنَ خِطؤُهُ ... ونَزلتَ عن دَعْواك بالإذعان

لكنَّهمْ شَنُّوا عليك حروبُهم ... ولقوكَ بالإيذاءِ والعُدوان

ما الشَّكُّ شَكُّكَ إنما هي نَزْعَةٌ ... من عالَمٍ باغٍ على الأديان

وجَدَتْ إلى النَّفْسِ الطَّرِيئةِ مَنْفذاً ... فَتَسَلَّلَتْ منه إلى الوِجدان

والشكُّ سُلطانٌ إذا ماشَيْتَهُ ... سُدَّتْ عليكَ منافذُ الإيمان

والنفسُ في فَجْرِ الشبابِ صَنيعَةٌ ... لجديدِ رأى أو لِسِحْرِ بيان

سَابَقْتَ حَيْنَكَ يَا ضَحِيَّةَ فِرْيَةٍ ... وَأَدَتْ شَبَابَك وهو في الرَّيْعَانِ

هاجت شُعُورَك وَاسْتَثَارَتْ حُرَّةً ... ثارت على القُضْبَان والسَّجَّان

ما ضاق صَدْرُكَ والسَّقامُ تهدُّهُ ... إلاّ بِقَوْلِ منافق أو شَاني

قَوْمٌ أَثَارُوها عَليك نِكايةً ... لِشِفاَءِ ما في النفسِ من أضْغَان

زَعَمُوك داعِيَةً. . وَأَنتَ مُبَرَّأٌ ... عن كلِّ ما زَعَموا من البُهتْان

الْحِقْدُ دَاءُ الشرقِ أعْيَا بُرْؤُهُ ... طِبَّ الأُسَاةِ وَحِكْمَةَ الكُهَّانِ

العبقريةُ من أَذَاهُ جريحةٌ ... في كلِّ مَرْحَلَةٍ، وكلِّ زَمان

مَنْسِيَّةُ الآثارِ، ضائعَةُ الصَّدَى ... مَخذولةَ الأَنصارِ وَالأعوان. . .

جَحَدوُا نُبوغَكَ وَأدَّعَوْهُ خُدْعَةً ... وَالسِّنُّ بُعض وَسَائِلِ النُّكران

ما السِّنُّ مِيزانُ النُّبُوغِ وَإِنما ... هو نِعْمَةٌ تَسْمُو على الأَوْزَانِ

كم في الشيوخ المعْرِقينَ سَذَاجَةٌ ... وَرَجَاحَةٌ في الفِتْيَةِ الشُّبَّان!

خَذَلوك والدنيا إذا لم تُسْقِها ... كأسَ الرِّياءِ جَزَتْكَ بالْخِذلان

من لي بِلَيلاتِ الَمصِيفِ وأُنْسِها ... وظِلاَلِ أيَّامٍ خَلَوِنَ حِسَان

ومَجالِسِ اللهْوِ البريءِ يَزِينُها ... عَقْلُ الحكيمِ وَرَوْعَةُ الفَّنان

وَمَطارِحِ الحُلُم البعيدِ تَرُودُها ... مِنَّا رَغائِبُ في غَدٍ وأماني!

كأسان مِن صَفْوِ المُنَى سُقِيَاهُا ... قَلْبَانِ في الإحساسِ مُؤْتَلِفَانِ

مَرَّتْ ليالي الصيفِ وهي سريعةٌ ... ومضى ربيعُ العُمْرِ دون تَوَان

<<  <  ج:
ص:  >  >>