ماضيها وحاضرها أكثر ما يعرفونه عن مصر (وبهذا تنقطع الصلة بين مصر القديمة ومصر الحديثة ويمتنع علينا أن نأخذ من أمسنا ليومنا وغدنا والإنسان الذي يعيش مقطوع الصلة بأمسه كالنبات ينمو ثم يموت، وكأنه لم يوجد)
خامساً: إن الناشئ في إنجلترا أو فرنسا أو في ألمانيا (ينشأ وتاريخ بلاده يسايره في كل سنة من سني تعليمه فلا يكاد يغادر مقاعد الدرس حتى تكون نفسه انطبعت بطابع ما في هذا التاريخ من عظمة وجمال. ومن هذا الانطباع يتولد حب خاص للوطن وتتولد رغبة في محاكاة أبطاله وينمو تبعاً لذلك الشعور بالقومية. . . الخ)
سادساً: إن الكتاب اليونانيين والرومانيين الذين زاروا مصر وكتبوا عنها في ما بين القرن الرابع قبل الميلاد والقرن الثاني بعد الميلاد شحنوا كتاباتهم بأشياء لم يفهموها فألبسوها لباس الغرابة والخرافة. مثلهم في ذلك كمثل الذين يزورون مصر الآن من الأجانب فيدعون عليها دعاوي لا وجود لها، وإن هذه الكتابات التي كتبها أمثال هيكاتي دي ميل وهيرودوت وسترابون وديودور الصقلي وكليمان الإسكندري وبلوتارك، كانت المرجع الوحيد لمعرفة مصر القديمة منذ ضاع سر اللغة المصرية إلى أن كشفه شامبوليون الشاب
وضع الفقيد أمامه هذه الملحوظات الست وخرج منها بأن (الحقيقة) ضائعة فيجب إيجادها، و (القومية) ضعيفة فيجب إنماؤها، أما (الحقيقة) فهي أن مدينة مصر لم تقم كما اعتقد المؤرخون الأجانب (على أساس من الخرافات والعقائد الفاسدة) بل قامت كما دلل هو (على أساس علمي وخلقي صحيح).
وإلى اللقاء حيث ندرس معاً (بالتطبيق) الطريق التي سلكها في البحث والنتائج التي خرج بها و (النظافة) العلمية التي حالفته في أثناء هذا البحث.