(القومية) و (الحقيقة) أو مطالع هذا الاقتران، لأنه لم يقل أنه عجب - أو غضب - فحسب، ولكنه اعتزم البحث وراء هذا المجد و (تقصى خفاياه) والتقصي - علمياً - هو لباب البحث وراء (الحقيقة)
وبدأ الرجال يقرأ مختلف المؤلفات مرات ومرات، فكان يفهم في المرة الثانية ما يبهم عليه في الأولى، وينفذ في الثالثة إلى ما يغيب عنه في الثانية. وانقضت سنوات حتى اختمرت الدراسات في ذهن هذا (الباحث المنطقي المرتب)، وبدأت (النتائج) تطل من (المقدمات) على الصور الني انحاز بها ذهنه في استخلاص الحقائق. . . هذه الصور التي رددتها إلى عناصرها في بحث لي نشرته (الثقافة) الغراء
وبدأ الرجل تجربته الأولى بنشر فصول في (البلاغ) في سنة ١٩٣٤، وتجربته الثانية بنشر فصول أخرى في سنة ١٩٣٨ وأخيراً رأى أن يخرج كتابه الأخير
وهو لم يقل أنه أدى لتاريخ مصر القديم كل حقه، بل اعترف بأن هذا التاريخ بحر خضم ولم يسعه هذا الوصف إنشاء أو إسرافاً في الإنشاء كم ألفنا نحن الكتاب، بل عقب على الوصف بما يثبته فقال:(لأنه تاريخ أربعة آلاف سنة أو أكثر فليس يوفي حقه في كتاب ولا في كتب، وقد كتب فيه العلماء الأجانب بعد كشف اللغة المصرية في سنة ١٨٢٢ م مئات من الكتب، وهم إلى اليوم كلما كتب واحد منهم وجد جديداً، وكلما ضربت فأسه في أديم مصر خرجت بجديد، فلا مناص من أن أكتفي في كتابي هذا بأطراف، وإذا أراد الله فسأتبع هذه الأطراف بأطراف وأطراف). ولكن الله لم يرد، فلا حول ولا قوة إلا بالله
وأدع الآن مهمة (التطبيق) إلى المقال الآتي إن شاء الله وأختم مقال اليوم بكلمة تثبت لك دافع الفقيد إلى الأخذ بالقومية في البحث بعد أن دفعته الآثار عن الحقيقة فيها
لاحظ الفقيد حقائق مريرة حفزته إلى البحث وراء الحقيقة أولاً وحملته على أن يقرن بينها وبين القومية أخيراً. . . ومن هذه الحقائق ما يأتي:
أولاً: لاحظ أن جميع المصريين يجهلون تاريخهم مع الأسف
ثانياً: أنهم لم يقرءوا منه وقت تحصيلهم العلم غير أشياء ضئيلة مبهمة
ثالثاً: أنهم لا يجدون بعد وقت التحصيل مؤلفات عربية في هذا التاريخ تجذبهم إليه
رابعاً: إنهم يعرفون عن اليابان في آسيا وكندا في أمريكا وعن إنجلترا أو عن فرنسا في