للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأياً ما يكون الأمر فأنا بعد لا أرى مانعاً ما دام المجاز قد مات في عثر وأصبح الفعل يدل على الاطلاع في الاستعمالين من أن نقصد (يعثر ب) إلى الاطلاع مصادفة و (عثر على) إلى الاطلاع عن بحث. واللغة، كما قلت، كائن حي من الواجب أن نغذيه باستمرار بأن ننوع من طرق الأداء فيها كما نحدد من تلك الطرق على نحو ما نشاهد في لغات الأمم المتحضرة كلها

هذا رأيي أقف عنده لأن الأصول العامة تكفي لتأييده. ومع ذلك فقد حمل إليّ البريد هذا الصباح خطاباً من صديقي عبد الرحمن بدوي الأستاذ بكلية الآداب بجامعة فؤاد الأول؛ وهاأنا أنسخ لكم خطابه. قال بعد المقدمة:

(أود أن ألفت نظرك إلى نقط لعل بعدك عن المصادر هو الذي حال بينك وبين التنبه إليها وفيها تأييد لما تقوله فيما يتصل بالتعبير (عثر به)

وأولى هذه النقط خيانة زكريا إبراهيم (وهو من تلاميذي الآن بالسنة الثالثة قسم الفلسفة) لنص (لين) إذ هو بتمامه يؤيد استعمال (عثر به) بمعنى اطلع عليه فهو يقول ما نصه:

: ; , ; عثر به

((وأشرس وعثر به

معجم لين ص١٩٥٢ عمود (١) س٣، ٤ من أسفل.

وتحت مادة (أشرس) يذكر الشاهد الثاني: عثر بأشرس الدهر (أمثال الميداني المطبعة الخيرية بالقاهرة سنة ١٣١٠ ج١ ص٣١٣ س١ - ٢)

وثاني هذه النقط أن (عثر على) بمعنى الاطلاع مصادفة وبلا طلب ليس متفقاً عليها بين اللغويين والمفسرين. فالذي يوردها صراحة من بين اللغويين الراغب الأصفهاني في (مفرداته) (تاج العروس) للزبيدي (وهو الذي يشير إليه لين هنا في الإشارة وغالب المفسرين عند كلامهم على الآية (وكذلك أعثرنا عليهم) والآية (فإذا عثر على أنهما استحقا إثما) يقولون إنها لا تدل على الاطلاع مصادفة. فالقرطبي يقول: (الجامع لأحكام القرآن ج٦ ص٣٥٨ طبع دار الكتب سنة ١٩٣٨) (ومنه قوله تعالى: (وكذلك أعثرنا عليهم) لأنهم كانوا يطلبونهم وقد خفي عليهم موضعهم) أي الناس الذين كانوا يبحثون عن أهل الكهف. ويرجح رأي هؤلاء أن الآية (فإذا عثر على أنهما استحقا إثما) يقصد منها كما يقول الرازي

<<  <  ج:
ص:  >  >>