(ج٣ ص٤٧٨ المطبعة العامرة الشرقية. الطبعة الأولى سنة ١٣٠٨ بالقاهرة). (فإن حصل العثور والوقوف على أنهما (أي الأمينين على الوصية التي يوصي بها من بات بأرض ليس فيها مسلم) أتيا بخيانة واستحقا الإثم بسبب اليمين الكاذبة، أي أن المعنى هو (فإن وجد أنهما. . .) وإلا فلا يصح حكم الآية إن وجد بعد التحقيق أنهما خانا. وهذا ما لا يمكن أن يكون القرآن قد قصده. وفيما يتصل بآية أهل الكهف (وكذلك أعثرنا عليهم) فالقصد هنا من الله واضح لأنه قصد أن يدل بعض الناس على وجود أهل الكهف فليس هنا مصادفة إذن.
ويؤيد كلامك أو شعورك بوجود معنى المصادفة في (عثر به) أكثر مما هو في (عثر عليه) أن الأصل في (عثر عليه) هو (أن العاثر إنما يعثر بشيء كان لا يراه، فلما عثر به اطلع عليه ونظر ما هو، فقيل لكل من اطلع على أمر كان خفياً عليه قد عثر عليه)(الرازي في الموضع نفسه)، فعثر به هي الأصل، وعثر عليه هي المجاز؛ وعثر فيها معنى المصادفة من أصلها فما هو أقرب إلى الأصل وهو عثر به يكون معنى المصادفة فيه أقوى
ونقطة ثالثة هي أنك لست أول من استعملها بهذا المعنى فقد وجدت إنها استعملت مرارا من قبل. أذكر منها الآن ما يلي إلى جانب ما أورده لين في المثل:(عثر بأشرس الدهر)
(١) استعملها ابن هانئ الأندلسي المتوفى سنة ٣٦٢هـ حين قال:
منعوك من سنة الكرى وسروا فلو ... عثروا بطيفٍ طارقٍ ظنوك
(راجع ديوان ابن هانئ تصحيح الدكتور زاهد علي. مطبعة المعارف سنة ١٣٥٢هـ ص٥٣١)
(ب) واستعملها ابن خلدون المتوفى سنة ٨٠٨هـ حين قال:
(عثر بمجمعهم اتفاقاً)(تاريخ ابن خلدون طبعة دي سلان. الجزائر سنة ١٨٤٧ ج٢ ص٣٤٢ س١٠ - وراجع دوزي: ملحق المعاجم العربية تحت مادة عثر ج٢ ص٩٥ عمود١ - الطبعة الثانية سنة ١٩٢٧). . . . . .)
عبد الرحمن بدوي
. . . انتهى خطاب الأستاذ عن هذه المسألة.
وإذن فأنت ترى - كرئيس تحرير لمجلة محترمة - ولاشك يرى معك القراء أنني لست ميجارياً في محاجتي كما وصفني تلميذنا زكريا إبراهيم ونحن لا ريب نفتح صدورنا لنقد