الحرية وتسخير الكرامة الإنسانية
والنازيون اليوم يحتاجون إلى مليون عامل بل مليونين بل إلى ثلاثة ملايين لو وجدوهم من الألمان أو غير الألمان
يحتاجون إليهم ويبحثون عنهم ويغتصبونهم اغتصاباً من كل مكان حكموه أو سيطروا عليه
فهل نسمي حاجتهم هذه إلى العمال نجاحا في كفاح البطالة وتدبير الأرزاق؟
وهل هذا هو العمل الذي يريح الفقراء من أعباء الفقر ويتيح لهم الاصطياف على شواطئ الإسكندرية؟
فكفاح البطالة على هذا المنوال هو الكفاح الذي يستطيعه النازيون والشيوعيون والفاشيون، وهو الدواء الذي يربى في الشر والبلاء على عشرة أدواء
والنتيجة ماثلة أمامنا لا تذهب بنا إلى بعيد
فالحرب الحاضرة وما جلبته على الناس من الكرب والألم والضيق والغلاء هي ثروة العلاج الذي دبره النازيون والشيوعيون والفاشيون لمشكلة البطالة وأزمة الأرزاق
وقد استطاع النازيون وأمثالهم أن يديروا المصانع ويستخدموا الأيدي العاملة لأنهم أداروا المصانع جميعها على تحضير السلاح وأدوات القتال
فاستراح الشعب الألماني من مليون عامل عاطل بضع سنوات، ولكنه عرض للقتل خمسة أو ستة ملايين من أولئك الفقراء في سنة واحدة، وسيخرج من الميدان وفيه عشرة أضعاف العاطلين الذين كانوا فيه قبل دخوله، والى جانبهم عشرة أضعافهم من القتلى والمفقودين والمشوهين
أي حل هذه لمشكلة البطالة؟
أي علاج هذا الذي يريحك من مليون عاطل بخمسة مليون قتيل، ثم يصبح الشعب كله أو جله من العاطلين؟
وليست المسألة هنا مسألة النظام السياسي الذي يطلقون عليه اسم النازية أو اسم الشيوعية أو اسم الفاشية أو اسم العسكرية اليابانية، فإن النظم السياسية جميعاً تتساوى في هذه القدرة متى لجأت إلى تشغيل الأيدي في الذخيرة والسلاح، وإن الديمقراطية لأقدر من المذاهب الأخرى على تشغيل الأيدي جميعاً في إبان الحروب التي تساق إليها كما نرى الآن في كل