يسيراً من شعره يريد بذلك أن يغيظ ميا، ثم ما لبث بعد قليل أن مات
ويقيم لدينا الدليل الملموس على حقيقة وجود خرقاء وانفصال شخصيتها عن شخصية مي - فضلاً عن الروايتين السابقتين - ما يقوله ذو الرمة في مطلع قصيدة يمدح بها عبد الله بن معمر التيمي:
أخرقاء للبين استقلت حمولها؟ ... نعم غربة، فالعين يجري مسيلها
كأن لم يرعك الدهر بالبين قبلها ... لميِّ ولم تشهد فراقاً يزيلها
فها نحن أمام محبوبتين لذي الرمة يروعه الدهر بفراق واحدتهما بعد الأخرى، ويؤيد هذه الحقيقة أيضاً قوله من قصيدة أخرى:
وأروع مهيام السرى كل ليلة ... بذكر الغواني في الغناء المواصل
جعلت له من ذكر ميٍ تعلةً ... وخرقاء فوق الواسجات الهواطل
ونحن نختم كلمتنا هذه بقولنا إن الغزل وما يتصل به هو الناحية البارزة من شعر ذي الرمة، على أن في مدائحه وأهاجيه وفي قيمة شعره الأدبية واللغوية ما يستحق التسجيل. وحسبي الإيماء هنا إلى بائيته: ما بال عينك منها الماء ينسكب. . . فإني وجدت أكثر أبياتها - بل كلها - مستشهداً به في مختلف المصادر العربية القديمة على دقائق لغوية ونحوية وبلاغية وبيانية لا يحيط بها العد
فهذه ناحية أخرى من نواحي دراسة ذي الرمة قد نعود إلى بسط القول فيما وقفنا عليه منها، إن أسعدنا الوقت وانفسح لنا المجال.