للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنْتَ يا ماضِي. . . أطْلِقْ نحوها ... كلَّ أوقاتِكَ من قَيْدِ الزمن

تتنزَّى في خُطًي تَلْقَفُهَا ... عثراتٌ وشكوكٌ ومحنْ. . .

وانشُرِ الآن ليالِي التي ... تنزفُ السعدَ وتستبقي الشجنْ

لترى ظالمتي السهد الذي ... طالما سايَرني فوق الدمَنْ!!

ابعثِ الآن دفين الذكَرِ ... لتُريها كيف ولي عُمُري

في هلاك اليأس قد طاردتني ... خوْفُ قلبٍ باللظى مُدَّثِر

خوف حرمان تَرَدَّيْتُ به ... وارتوى من نابعات الفكرِ

وتلوَّى في ضلوعي نَهِماً ... يغتذِي بي في شقاء السهرِ

كم حنين قصّ وجُداني وما ... كفّ حتى صبغَتْ ليلِي الدماء

وعذابٍ طحن النفس فلم ... يُبْقِ منها ما يُذَريه الهواءْ

وبكاءٍ كنت أَسْتدَنْي به ... في خيالي رحمة لي وعزاء

وأحرُّ الدمع ما تبذُله ... عين مظلوم شديد الكبرياء

هذه الغيلان عَبَّتْ من دمي ... فانتشت تقصف في هَوْلَ الظلامْ

نهَشَتْ لحمي فَدَوَّت من فمي ... صرخات الذعرْ والناس نيام

وأنا وحديَ دكَّتْ أعظُمي ... رهبة المُشْفى على مهوى الحِمام

هذه الغيلان غيلان الأسى ... أكلَتْ راحة قلبي المستهام

هذه الغيلان لم تُبْقِى سوى ... هيكل من جسدي مرتعد

وعظامٍ زلزلتها في الدُّجى ... سَطْوَةُ الحمىَّ التي لم تُعْهَدِ

طلَلٌ أسعى وزادي لم يعد ... غَير أشواق أضاءت معبدي

طلَلٌ أسعى وفي أركانه ... روح آمالي التي لم تُلْحَدِ

طلَلٌ مُنْتَفِضٌ يمشي وقد ... قصمَتْ أضلاعَه فأْسُ القضاء

خَرِبُ الأنحاء يستوطنه ... من معدات المنايا ألف داء

شاحب الجلد كأني مَيتٌ ... طرد اللحدُ رُفاتي في الخلاء

إن تجده العين لا تُنكره ... إنما تمطرهُ سَيْلَ بكاء!!

يَغْتَد الأحياء في قبضته ... رحمةً، لو يستَدِر الرُّحماءْ

<<  <  ج:
ص:  >  >>