للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنما يعينه قلبٌ واحدٌ ... هو في صدركِ يا نَيْلَ الرَّجاء

انظري كيف استحالت نضرتي ... صُفرة يُنكرُها حتى الفناء

غائر العينين، مَعرُوقُهما ... أطفأتْ سحرهما ريح الشقاء

أيهاَ المَاضي ألا تَعْرفُني؟ ... شَدَّ مَا أَلْقَاك قَد أنْكَرتني!

أنْتَ مني قطْعَةٌ كَفّنْتُها ... بِسِنيِني وَطَوَاهَا زمَني!

أنْتَ بُنْياَنٌ أَقَمَنا فَوْقَهُ ... حَاضِراً. . . يَا لَيَته لم يكُنِ!

حَاضِراً يَمْتَصُّ أَعْصابِي ولا ... يَنْثَني بالوَيْل يَسْتنزِفني

أَنْتَ سَيْلٌ عَارِمٌ مُنحْدَرٌ ... منْ حَيَاتَي في مَصَبَ الأَزَلِ

هَلْ لأمْوَاهِكَ أنْ تَرْتَدَّ في ... نَهْرِ عُمْرِي، مُرْجِعاتَ أوَّلى؟

ثُم هَلْ للريح أنْ تَقْتَادَني ... في اتجاهٍ غير ما قُدرَ لي!

كيْ أُوَقيك الذي حُملْتَهُ ... مِن رُكامِ النُّوبِ المُتَّصل!

أين تمضي أيُّها الماضي وفي ... أي كهفٍ تختفي باْلعُمُر؟

بعد موتي هل ستلقاني وَهَلْ ... سَوف ألقْاكَ كَميِلَ الصُّورِ؟

أمْ ستنساني وأنساكَ وما ... عُدْتَ تحيَا نَابِضاً في ذِكَرى

شَدَّ ما أرْهَبُ لُقْيَاكَ إذا ... حانَ حَيْني وانتَهى بي سَفَرِي

أنْتَ رَجْعٌ للأَغاَرِيد التي ... كُنْتُ أَسْتَودِعُها قلَبْ الزمانْ

عُدْ إلى ساحِرتَي واقْطُر بما ... فيكَ من شَجْوٍ لَدَيْهَا وهَوانْ

واحْتَفِر لي مَسلكاً في قلبها ... يحتويني مرَّةً مِنهُ الحنَانْ

أيُّها الماضي وطَهرْ كْعَبةً ... حولهَا تُعْبَدُ فيها وتُصَانْ

كم نهارٍ فيكَ أَسْتَوْقُفُه ... في هُوى الزمَنِ المُنْصِرمِ

كُنْتُ أَسْتَوْقُفه مُستَرْحماً ... أن يُعيد الكَر حَولَ الأنُجمِ

عَل في أوقاتِه لي مَوْعُداً ... تَائِهاً يُشْرى بِرُوحي ودمي

كم غُروبٍ كُنْتُ أَسْتَلُهمه ... في اجْتياحِ الهْادِرِ الُمْنصِرفِ

فَزعاً أَجْارِ في تَيَّارِه ... بضمير راعدٍ مُرْتجفِ:

أيُّها التيارُ لا تَطْرَحْ لقى ... خلفَ أنوارِكَ نَهْبَ السُّدُفِ

<<  <  ج:
ص:  >  >>