للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أنني أخشى الدُّجَى، يا سُمه ... لُفِؤادِ الصب من مُغْتَرفِ!

كم مَساء كُنْتُ أَسْتَل به ... زَفْرَتي كالْخِنجَر المُنْغَرس

صُغْتُ أنفاسي بهِ أُنْشُودةً ... للْهوى رَفَّافةً كاْلقَبَسَ

كم تمَاثِيلَ بأحْضانِكَ قَدْ ... شِدتْهُا بالأمَلِ المُنْدَرسِ

شِدْتُها لِلحُب تَسَتْعبِدنُي ... وهْي مِنْ صُنْعِي سَوادَ الْغَلَسِ

كم ظلامٍ فيكَ قد مَزَّقُته ... عن صباح مُكْفَهر الْجبهِة

باعثاً طيرَ فُؤادي نحوها ... ضارعاً بالشوق يَفْرِي مُهجتي

آملاً تمنحهُ رحمتهَا ... فُيغَني فَرحاً في أيكتي!

وإذا الأيقاظ ركْبٌ هائِلٌ ... قَاصِفٌ يسخُر من أُمْنِيتَّي

كم نسيمٍ فيكَ قد حَرَّرْتُه ... من نِطَاق الْحَّيزِ المُخْتَلجِ

شَرَبْتُه أذُني واسْتَعْرَضَتْ ... ما به من همسات المُهَجِ

عَلهَّا تظفرُ في طَيَّاتِه ... بَصدًى من صوتها المُنْبِلجِ

بصدًى يُبْرقُ في رُوِحي كما ... تُبرقُ الأنوارُ فوق الثّبَجِ

كم ربيع فيكَ قد رَوَّيْتُ من ... روْضُه بالدمْع زَهْرَ الأملِ

وخريفٍ عاطفيٍ غالَ ما ... أَنبت الساقي بماءِ المُقَلِ

كم ربيع فيكَ داهمني ... بشتاءِ في ضميري مْوغِل

بَرْدُهُ يَصْطَكُّ منه قَفَصَي ... وَرَدَاه زاحفٌ في أجَلي

هكذا وَّلتْ حياتي فانظُري ... أي مَوت جَرعَتْنِيِه الحياة

أنقِذنِي قلبي ففي دقَّاتِه ... هتفاتٌ لكِ يا كلَّ مُناه!

هتفاتٌ شَقّتِ الصَّدْرَ لها ... من سِنانِ الصدْقَ حدُّ لا أراه

فاسمعيها وارحمي مُرْسِلها ... فَهْوَ يهواكِ ولو كنتِ رَداهْ!

(القاهرة)

عبد الرحمن الخميسي

<<  <  ج:
ص:  >  >>