الفضل وسجن محمد بن عبد الملك الزيات وزير المعتصم والواثق بعد أن صودرت أمواله، ونهبت دوره، وضمت إلى القواد ضياعه. وسجن أبن الخصيب وزير المستعين ونكب. كما حبس أبو الصقر وزير المعتمد، وقتل. ولم ينج محمد بن عبيد الله من السجن، فقد عزله المقتدر من الوزارة وحبسه مع ابنه.
وسبب ذلك أن الخليفة كان يستمع إلى أقوال المنافسين، ويصغي إلى مقالة الحاسدين، فيأمر بعزل وزيره وسجنه. فإذا لم يسجن، جاء خلفه فسجنه انتقاما منه، وخشية أن يشغب فيبعده عن السلطان.
(ب) مناوئو الخلافة
أما مناوئو الخلافة، والشاغبون عليها، فكان مثواهم السجن. فقد سجن عبد الملك بن صالح وقد سعي به عند الرشيد بطلب الخلافة؛ وسجن العباس بن المأمون عند ما دعا إلى نفسه، فمات في الحبس. وحبس الإفشين لما شق عصا الطاعة على الخلافة، ولم يجدوا بداً من اتهامه بالزندقة ليقتلوه.
(ج) الديون والمصادرات
وكانت الديون والمصادرات تودي بصاحبها إلى السجن. وكثار من صودرت أموالهم وأودعوا السجون، ثم أتى بهم فنوقشوا الحساب، وطلب منهم رد الأموال. حدث سليمان ابن وهب قال: (كنت أنا والعباس بن الخصيب، مع خلق من العمال والكتاب معتقلين في يدي محمد عبد الملك في آخر وزارته للواثق، نطالب ببقايا مصادرات فقبض عليّ وأودعت الحبس. فسمعت ليلة صوت الأقفال تفتح فلم أشك في أنه القتل وفتحت الأبواب. . . وحملني الفراشون لثقل حديدي وحملت إلى اسحق بن إبراهيم، وكان صاحب الشرطة، فإذا فيه صاحب ديوان الخوارج، وصاحب ديوان الضياع، وصاحب الزمام، وبعض الكتاب. فطرحت في آخر المجلس. فشتمني اسحق بن إبراهيم أقبح شتم، وقال: (يا فاعل ويا صانع تعرضني الاستبطاء أمير المؤمنين؟ أين الأموال التي جمعتها وحبست بسببها؟ فاحتججت بنكبة أبن الزيات. فقال لي صاحب ديوان الضياع: أخذت من الناس أضعاف ما أديت، وعادت يدك إلى كتبه إيتاخ فأخذت ضياع السلطان وأقطعتها لنفسك وحزتها سرقة إليك،