دليل قاطع على التطور الذي حدث بعد الحرب العالمية الأولى نحو الوحدة الاقتصادية العالمية.
غير أن هذا الاتجاه نحو الوحدة العالمية قد ظهر بوضوح أثناء الحرب العالمية الأخيرة وبعدها، فلقد شاهدنا والحرب الأخيرة ناشبة أظفارها أن المستر روزفلت رئيس الولايات المتحدة الأمريكية والمستر تشرشل رئيس وزراء بريطانيا يصدران ميثاق الأطلنطي في ١٤ أغسطس سنة ١٩٤١ ونقرأ في البند الرابع والخامس منه أنهما سيجتهدان في تمتع كافة الدول كبيرة كانت أو صغيرة غالبة أو مغلوبة في الحصول على التجارة والمواد الخام العالمية اللازمة لرخائها الاقتصادي، وأنهما يرغبان في تحقيق أتم التعاون بين كافة الأمم في الميادين الاقتصادية وذلك بغية ضمان الوصول إلى مستوى أفضل في العمل والتقدم الاقتصادي والأمن الاجتماعي وأنهما يأملان في وضع سلم يمكن جميع الشعوب من الحياة في مأمن داخل حدودها ويبعث الطمأنينة لكافة الناس في العالم أجمع حتى يعيشون عيشة راضية بعيدة عن الخوف والعوز، ومن الميثاق الأطلنطي هذا يمكننا أن نستنتج أمرين جديرين بالعناية أولهما: أن مهمة الحكومات قد تخطت واجباتها المعروفة من قبل إلى واجبات جديدة وهي العمل على أن يعيش الناس بغير خوف ولا عوز، ومن هنا ظهرت الحريات الأربع. وثانيهما أن ميثاق الأطلنطي الذي انظم إليه بعد ذلك الأمم المتحدة الأخرى دليل آخر على تطور الاتجاه نحو الوحدة الاقتصادية العالمية. وأن الواجب أن يوضع للعالم نظام يحقق التعاون بين كافة الأمم في الميادين الاقتصادية.
وإننا نشاهد كذلك غير هذا الميثاق مؤتمرات دولية تجتمع بين آن وآخر وكلها ترمي إلى التعاون العالمي بين جميع الشعوب في نواح مختلفة من الحياة العامة. كمؤتمر التغذية وكمؤتمر النقد وغيرهما وكلها تدل على اتجاه الفكر دائما نحو الوحدة العالمية ومن الدلائل على هذا التطور أو التوجيه نحو اعتبار العالم وحدة لا انفصام لها مشروع التعمير للأمم المتحدة والذي أنشأ إدارة من تلك الأمم ترمي إلى تنظيم أعمال المساعدة والتعمير التي تسدى إلى البلاد التي تخربت بسبب الحرب الأخيرة، ويحسن بي في هذا المقام أن أشير إلى ما صرح به المغفور له الرئيس روزفلت في ١٧ ديسمبر سنة ١٩٤٠ أمام الصحفيين حيث قال ما معناه: افرضوا أن النار أشعلت في منزل جاري وأنني أملك طلمبة ماء يمكن