للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الذي أمكن المكي من أذن صماء كما تقول: أعارني أذنا صماء. وجمال العبارة هو في التمكين الموهم بلوغ المقصود، ثم اتباع هذا التمكين ببيان أن الباب الذي انفتح لا يؤدي إليه، وإنما يؤدي إلى نقيضه.

وجاء في صفحة ١٠٣: (وصديق كنا قد ابتلينا بمؤاكلته، وقد كان ظن أنا قد عرفناه بالبخل على الطعام، وهجس ذلك في نفسه، وتوهم أنا قد تذاكرنا أمره؛ فكان يتزيد في تكثير الطعام، وفي إظهار الحرص على أن يؤكل حتى قال: من رفع يده قبل القوم غرمناه دينارا، فترى بغضه إن غرم دينارا، وظاهر لأئمته، محتمل في رضا قلبه وما يرجو من نفع ذلك في له). وقال الشارحان بعد أن فسرا هذا الكلام على هذا الضبط: (ولا يخفى ما في هذه العبارة من إيجاز وغموض، وأقول: إن سوء الرسم هو الذي أدى إلى تفسيرهما المعقد، وصواب العبارة إن تضبط هكذا (فترى بغضه أن غرم دينارا، وظاهر لأئمته، محتملين في رضا قلبه إلى آخره) وإذن يكون معنى العبارة أنك أيها القارئ ترى إن بغضه للكرم المدلول عليه بتغريمه الدينار، والدينار أكبر قيمة من كل طعامه، ثم إكراه نفسه على الظهور بمظهر من يلوم على عدم الأكل، هاتين الخصلتين المتناقضتين قد وسعهما قلبه فاحتملهما لما يرجوه من الظفر في النتيجة.

(يتبع)

<<  <  ج:
ص:  >  >>