للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فإذا ما حصلت الحكومة من أحد الأجانب رسوماً أو ضرائب في غير نطاق ما ذكرناه، كان له الحق في طلب استردادها أمام المحاكم المختلطة، التي تحكم طبقاً للمادة ١١ من لائحة ترتيبها فيما يمس حقوق الأجانب المكتسبة بالمعاهدات.

وفي الطريق الذي استطاعت به مصر أن تحصل على موافقة الدول على تلك الأنواع المذكورة من الضرائب تفصيل رأيت أن أبسط شيئاً منه:

وافقت الدول الأجنبية على سريان قوانين الضرائب على رعاياها فيما يتعلق بالضريبة العقارية على الأراضي الزراعية، والضريبة العقارية على أراضي البناء، وهما نوعان من الضرائب المباشرة.

أما عن الضريبة العقارية على الأراضي الزراعية فلم يكن يسمح قبل القرن التاسع عشر لأجنبي ما أن يتملك عقاراً في الدولة العلية. ولم يعف الأجانب من هذا الحظر إلا عندما حل عام ١٨٦٧ إثر مفاوضات طويلة. على أنه بالرغم من ذلك المنع السابق، اعتاد الأجانب أن يسلكوا طرقاً ملتوية للحصول على تلك الملكية المحرمة، فكان الواحد منهم يبتاع الأرض باسم شخص متجنس بالجنسية التركية. وإزاء ذلك رأت الدولة العلية أن تضع حداً لتلك الحال، فأباحت تحت تأثير هذا العامل الملكية العقارية لكل فرد، بغض النظر عن تباين الجنسيات. ولقد تعرض الحظر الهمايوني الصادر سنة ١٨٥٦ لهذا الموضوع، فنص صراحة على إباحة الملكية العقارية للأجانب في أراضي الدولة وولايتها، على أن يذعن هؤلاء الملاك لما يفرض على الجميع من التكاليف المالية، فاستووا بذلك مع الأهالي.

ولكن حركة الإصلاح لم تنجح، إذ تأجل نفاذ النصوص الصريحة؛ فحاول الباب العالي بعد ذلك مرة أخرى أن يخضع هؤلاء الأجانب للوائح والقوانين التي تسري على الملكية العقارية، وطلب ذلك مُلحّاً، فأجابته الدول إلى ما طلب بقانون صدر بتاريخ ١٠ يونيه سنة ١٨٦٧ الموافق ٧ صفر سنة ١٢٨٤، وسمح للأجانب أن يكونوا ملاكاً عقاريين للأراضي الزراعية في الدولة العثمانية، وألزموا بالقيام بكافة الفرائض المالية على الأراضي الزراعية - أسوة بالوطنيين - في أي صورة تتشكل بها تلك الفرائض

ولقد خول الأجانب في مصر حق تملك الأراضي وكلفوا في الواقع بضرائبها قبل أن يُسن

<<  <  ج:
ص:  >  >>