دعا إلى الإيمان بالإنسان مستدلا بما أبدع في الأرض بفكره ويده، لم ينس أنه يهدف إلى قضية أكبر، وهي قضية الإيمان بخالق هذا الإنسان وقضية التسامي بضمير هذا الإنسان.
ولقد وافقت الأستاذ عبد المنعم على قضيته وأهدافه، وخالفته في طريقة استشهاده، ووددت أن يفسح للوجدانات الروحية، وللأعمال الفنية مكانا أكبر في الاستشهاد على عظمة هذا الإنسان، ليكون نشيد الإيمان به أوسع وأشمل، حين نضم إلى إبداع فكره ويده إبداع وجدانه ومشاعره.
أما هذا الرجل، صاحب الأغلال، فيأخذ الفكرة لينحدر بها انحداراً عن مستواها، وليبدو فيها ضيق الآفاق لا يتصور أن الإنسان جسم وروح، وأن الحياة مادة ومعنى. ثم ليستخدم الفكرة في الزراية على الشرق عامة والمسلمين خاصة، وليحطم في نفوسهم كل شعور بالعزة، وليسوّد عليهم مستعمريهم، وليثبت هم أنهم في حاجة إلى قوة هؤلاء المستعمرين، إلى أن يتخذوا طريقهم في الإنتاج!
وما يخدم قضية الاستعمار في طورها الحالي كما يخدمها بث هذه الروح. وإذا كان الشرق يعتز في جهاده للاستعمار بماضيه وبعقائده وبكرامته القومية، وبعدد من مثل هذه المعنويات. فهذا رجل منه يقول له: إنما تعتر بترهات جوفاء. والمستعمر أحق بوراثة الأرض منك، فلتحن هامتك إذن، فتلك سنة الحياة!
وبدلا من أن ينبه النقاد الكبار إلى هذا الاتجاه المريب يؤخذون بالدعاوة المفتعلة، ويبذلون إعجابهم المطلق للكتاب وصاحب الكتاب! والرجل والحق يقال: ماهر في الدعاوة، لا تقيده فيها الأغلال!!
ألا إنه لكتاب يساوي ثقله ذهباً، كما قال الأستاذ مظهر. ولعل من تهمهم مثل هذه الكتب لم يبخسوا الكتاب قدره وكل الدلائل تشير إلى أنهم لم يبخسوه قدره، والحمد لله!