أما بعد، فذلك الكتاب المريب قد انتهى. واسأل يا مولانا من شئت من الناس، فستعلم صدق هذا الذي أقول. انتهى لا لأنني كتبت عنه كلمة أو أكثر. ولكن لأنني (كشفت) فقط عن مدى (نظافته) وعن جراثيم الفناء فيه!
ولست - بعد هذا - أوافق على إيصال الأذى الشخصي لصاحبه، كما اقترح بعض النجديين والمصريين، فهو وصاحبه أهون من ذلك جدا. وليس الإيذاء الشخصي علاجا وأنا أكره مصادرة حرية الناس الفكرية، ولو كان الذي يكتبونه تفح منه روائح غير نظيفة فالموت الأدبي الذي لقيه الكتاب وصاحبه يكفي، مل لم تثبت على الرجل جريمة أخرى غير نظيفة يتناولها القانون العادي، وإني لأحسبه أحرص من أن يترك أدلة مادية!
أما أنت يا أستاذ مظهر - وأنا أسميك باسمك ولقبك ولا أشير إليك كما أشرت إلى، لأن الأدب الواجب يحتم على الناس المؤدبين ذلك - أما أنت فأنا شديد الرثاء لك.
إنني أعلم تلك العقدة النفسية التي توجهك. إنها عقدة الفشل، الفشل في كل مشروع هممت به. وأنت تعزو إلى رجال الدين تبعة هذا الفشل في حياتك. . . فكل شتم للدين ورجاله يغذي هذه العقيدة فيك. فلا تسأل بعدها إن كان نظيفا أو غير نظيف، محقا أو غير محق. ومن هنا تعصبك لكاتب مريب وكتاب غير نظيف، وأنت في هذا تستحق المرثية، فالكاتب لا يحارب الدين وحده، ولكنه ينعى على كل خلق نظيف، ويسمى الضمير والخلق والمروءة وما إليها (أغلالا)، ثم يهدف إلى إخضاعنا الدائم للمستعمرين. والناس يعرفون من ماضي الرجل وتاريخه ما يخزي، ويعرفون ما لا أستطيع نشره لأنه يقع تحت طائلة القانون، وأنت مندفع مع عقدتك النفسية. فالله يرحمك ويرحم المقتطف والسلام.
سيد قطب
كلمة في بيت:
قرأت كلمة الأستاذ محمد أحمد عيد في عدد الرسالة (٧٠٧) تصحيحاً لخطأ وقعت فيه في نص قول الشاعر: (فقالت من أي الناس أنت؟ ومن تكن؟) إذ جعلت: (من تكن) استفهاماً وهو شرط، كأنه قال:(ومهما تكن، فإنك راعي صرامة لا يزينها). والبيت بهذا التصحيح أدق معنى وأبلغ في سياقه العاطفة التي أوحت بالشعر. ويكون قولي في شرحه أيضاً خطأ.