نظام عالمي جديد لنعمة من نعنه التي أسبغها سبحانه عليك وأنت لها أهل أراك خليقا بأن تستزيدها بالشكر وتستديمها بالحمد والثناء؛ ومظهر لما توسمته فيك من سمو الذات وجلال التفكير منذ سمعتك لأول مرة تخطب ليلة افتتاح المؤتمر الإسلامي العام تحت قبة المسجد الأقصى (ليلة ٢٧ رجب ١٣٥٠هـ)، ثم لم تزدني صلاتي بك بعد في القدس والقاهرة وبغداد إلا يقينا بما توسمت وتفرست، ووثوقا بكرم العنصر الذي يتمثل في شمائلك وأدبك وفضلك وفي علاقاتك الخاصة والعامة وفي مساعيك الجليلة في سبيل العروبة والإسلام التي توجنها بتأليف هذه الرسالة الخالدة وجعلتها الطغرى في جبينها الأبيض النقي النزيه. ومن أولى منك بأن تنبثق من ذهنه الوقاد هذه الفكرة السامية، وتجول براعته في أشرف ميدان من ميادين الأبحاث الجدية الرفيعة، وأنت الشاغل لمقام أمانة جامعة الدواة العربية بجدارة واستحقاق، وأنت السياسي الأمين والكاتب المفكر الذي تعلق ذهنه بالمثل العليا فاحتذاها وشغل نفسه بالدعوة إليها، وأحب الخير فتمثله وسعى جهده لإيصاله إلى الناس في صدق ونخوة وإخلاص؟
إن كتابك - يا صديقي الكريم - كتاب الموسم، بل رسالة العصر ألم بحالة الشذوذ والاضطراب التي سادت العالم في أثناء الحرب الأخيرة، فكشف عن أسبابها وبواعثها ووصف لها العلاج الشافي بما وجده في صميم رسالة الله الخالدة إلى رسله وأنبيائه وما انتهت إليه من أطوار الأنظمة العالمية في الشريعة المحمدية الغراء في السياسة والاجتماع والحرب والسلم والعلاقات بين الدول والشعوب والطبقات والأفراد يمدها سند روحي لا بد منه لعالم جديد متجه نحو دولة عالمية واحدة تباركها يد الله ويرعاها رضاه على حد تعبير الرسالة.
وليس يعوزه لاستكماله أسباب فوائده وتعميمها حتى يتكون به رأي عالمي أو شبه عالمي إلا نقله، بعد اجالة القلم في بعض نواحيه إلى اللغات العالمية الغربية والشرقية؛ ليتداوله أكبر عدد ممكن من القراء، ويعيه من لا عهد له بموضوعه من المسلمين وغير المسلمين، ولا يزال الخير في الناس إلى يوم القيامة، ولكن الدعاة العالمين إليه قليلون، ولا أدراك إلا فاعلا إن شاء الله.
وبعد فقد وقعت في الكتاب على أمر أخالفك فيه كل المخالفة ولا أخالك إلا حريصا على