يرجعوا إلى فلسطين، وأن يعيشوا أحراراً في رعاية العرب وسماحة الإسلام. وهكذا أحسن العرب إلى اليهود على مر العصور واختلاف الأقطار. فلما رأى اليهود المحن تتوالى على العرب، والمصائب تحيط بهم بأيدي الأوربيين جاءوا في ظلال الأعلام
الأوربية باغين على بني عمومتهم، ناسين كل فضل لهم، يجزونهم شر الجزاء بما أحسنوا إليهم كل الإحسان. لقد جاءوا معتزين بوعد بلفور ليكونوا أعواناً لأعدائهم على أصدقائهم. فخسروا آخر صديق لهم على وجه الأرض، إنهم لم يأتوا إلى فلسطين بروح الآسيوي المعترف بالفضل، المقر بالحق، المؤثر للعدل، بل جاءوا في ظلال الأعلام الأوروبية أعواناً لبغي أوربا يجدون في ضعف العرب فرصة ليسلبوهم أرضهم وديارهم، ثم يدعون أن الأوربيين يكرهونهم لأنهم آسيويون حملوا إلى أوربا روح آسيا.
وقال أصحاب البيان آخراً:(إن يسيراً أن نجد الحل السلمي الملائم). . .
نعم نحن نعرف الحل العادل الملائم. وقد دعونا إليه ونادينا به واقترحته جامعة الدول العربية في مؤتمر لندن. هذا الحل هو أن يعيش الناس في فلسطين لمن فيها اليوم، ويكف سيل الهجرة المتدفق ويعيش العرب واليهود على النظم الديمقراطية التي تسيطر على العالم كله. يقبل العرب هذا ويتجاوزون عن كل ما وقع، ويعدون اليهود الذي هم في فلسطين اليوم وقد جاءوا إلى البلاد في السنوات الأخيرة من أقطار أوربية مختلفة - يعدون هؤلاء الأوربيين المعتدين المغيرين شركاء لهم في فلسطين، ويقبلون أن يقيموا معاً دولة على أسس ديمقراطية.
فهل يقبل اليهود هذا؟ كلا إن الحل السلمي الملائم عندهم أن يوالوا الهجرة إلى فلسطين بغياً وعدواناً حتى يكثروا العرب، ثم يقيموا بكثرتهم دولة يهودية، كما يشاؤون، هل هذا حل سلمي؟ كلا إنه الوسيلة لزلزلة السلم في الشرق الأدنى، وإشعال الفتن والحروب في هذا القسم من العالم بل في آسيا والعالم كله. . .
إن خيراً لليهود أن يعدلوا عن هذه المطامع الظالمة، ويعترفوا للعرب بحقهم الحاضر وفضلهم الماضي، ويعشوا في سلام وأمان في رعاية العرب في فلسطين وغيرها).