ويزعمون (أن العرب استفادوا كثيراً من أعمال اليهود في فلسطين).
ونحن لا نريد أن نفصل اليوم ما أصاب العرب على أيدي اليهود الوافدين على بلادهم، وحسبنا أن نقول إن أعمال اليهود هناك تقصد إلى أن يحولوا العرب من سادة في بلادهم إلى عبيد، ومن ملاك إلى عمال لا يملكون شيئاً. وكل أمم الأرض تعرف حرص اليهود على أن ينفعوا أنفسهم وقلة مبالاتهم بمنافع غيرهم، فإن ظن اليهود أن لهم على العرب فضلاً فالعرب في غنى عن هذا الفضل، وأعظم فضل لديهم أن يتركهم اليهود أحراراً في وطنهم وأن يحرموهم من هذه النعم التي يمنون بها.
ويقول أصحاب البيان:
(أنه ليس بين اليهود في فلسطين حتى جماعات الإرهاب، من يريد أن يسلب العرب بلادهم).
فإن لم تكن هجرة اليهود إلى فلسطين الصغيرة أفواجاً تضيق بها البلاد، وإصرارهم على أن تستمر الهجرة حتى تكون لهم الكثرة فيها، ومحاولتهم أخذ الأرض من العرب بكل وسيلة ظاهرة وخفية - إن لم يكن هذا سلباً لبلاد العرب فكيف يكون سلب البلاد من أيد أهلها. إن دعوى اليهود إنهم لا يريدون أن يحلوا محل العرب في أرضهم لا قيمة لها ما دامت أفعالهم تكذيب هذه الدعوى تكذيباً صريحاً بيناً لا خفاء فيه، ماذا يقصد إذن بهذه الهجرة التي يصرون عليها بكل الوسائل وهم يعلمون أن فلسطين مزدحمة بأهلها وقد رمى إليها اليهود نصف مليون زادها ازدحاماً ثم هم لا يكفون عن الهجرة؟ ألهذه الهجرة غرض سوى غلبة العرب على أرضهم، وإخراجهم من ديارهم؟
إنهم بتجارتهم وصناعتهم، وهي لخير اليهود وحدهم، يبغون أن تكون لهم الكثرة فيتسنى لهم بهذا وذاك أن يسيطروا على البلاد. ثم هم مع هذا يزعمون أنهم محسنون إلى العرب.
ينبغي أن نذكر اليهود بتاريخ العرب - وهم بسجاياهم أحرار كرام لا يستعبدون ولا يستعبدون، ولا يبخلون أن يشركوا الناس في خيراتهم - هؤلاء العرب كانوا على مر العصور حماة اليهود. لجأ اليهود إلى ظل العلم العربي حيثما كان. وقد دخلوا إسبانيا في كنف العرب، فلما أخرج العرب منها خرجوا، ويوم قامت للعرب دولة في فلسطين كان اليهود مشردين في الأرض وكانت معابدهم مزابل، فطهر العرب معابدهم، ومكنوهم أن