للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الموت سنة ١٩٢٠؛ إذ لو بقى طيلاق حياً لما كان لغاندي غير الزعامة الروحية وكان لطيلاق الزعامة السياسية، وبموته أصبح غاندي الزعيم الروحي والسياسي جميعاً ردحاً من الزمن.

ولئن مات طيلاق فإن روحه لم تمت. بل حاولت مبادئه السياسية أن تظهر في مناسبات كثيرة، لولا يقظة غاندي الروحية وقوة تأثيره على الشعب ومقاومته لكل هياج همجي، وتسليحه الهنود بأسلحة سلمية مثل مقاطعة الإنجليز سياسياً واقتصادياً وثقافياً، ولما لم تفلح هذه المقاطعة في إخراج الإنجليز من الهند كما لم تهدأ من سخط المنادين بضرورة استخدام الثورة في طرد الإنجليز من بلادهم، اضطر غاندي إلى أن يلجأ إلى العصيان المدني السلمي، وظل يشجع قومه على محاربة الإنجليز سلمياً، إلى أن أجيرت الحكومة البريطانية على أن ترد للهند حريتها.

بذلك فازت طرق غاندي السلمية على طرق منافسيه العنيفة وحصلت الهند على حريتها بدون ثورة ولا حرب، ولكن غاندي إن نجح في إقناع مواطنيه باتخاذ الطرق السلمية وسيلة لنيل الاستقلال، فإن قتله يدل على أنه لم ينجح في إقناع هؤلاء المواطنين باتخاذ الطرق السلمية في سبيل اتحاد الهند، ونبذ الحزازات الدينية.

إن الهند بعد أن نالت استقلالها واجهت مشكلة تقسيمها إلى دولتين: إحداهما إسلامية، والأخرى هندوكية؛ وسبب ذلك التقسيم يرجع إلى ما بين المسلمين والهندوس من عداء قديم، نشأ من يوم أن غزا محمود الفزتوي الهند، وكون إمبراطورية إسلامية فيها وظلت هذه الإمبراطورية من بعده إلى أن أتى الإنجليز واستعمروا الهند. وفي هذه القرون الطويلة عامل المسلمون من ترك وتتار وفرس الهندوس كما يعامل عبدة الأصنام فقتلوا فيهم وهدموا كثيراً من معابدهم، وحطموا تماثيلهم وأنزلوا بهم مختلف أنواع القسوة لعبادتهم الأوثان وتأليههم الحيوان، فولدت هذه القسوة الحقد والبغضاء، وظل الهندوس يكرهون المسلمين من عهد الفزنوي إلى الآن.

ولما تحقق استقلال الهند، وكان الهندوس أغلبية السكان، خاف المسلمين من انتقام الهندوس، ووطدوا العزم على أن يكون لهم دولة مستقلة تضم جميع المسلمين وتسمى بالباكستان. ولكن الهندوس يرغبون في أن تكون الهند دولة واحدة متحدة ولا يرغبون في

<<  <  ج:
ص:  >  >>