أن تكون منقسمة. فما كادوا يعلنون تقسيم الهند إلى باكستان وهندستان حتى أخذت الاضطرابات تنتشر في بعض المقاطعات الهندية، وأخذ المسلمون يقتلون الهندوس في الولايات الإسلامية، وأخذ الهندوس يذبحون المسلمين في الولايات الهندوسية مما أضطر غاندي إلى أن يستعين بالصوم على منع تلك المذابح البشرية، فنذر صوماً طويلا يدوم بدوام هذا الصراع الدموي الذي بين المسلمين والهندوس. ولم يمض على صومه خمسة أيام حتى تعرضت حياته للخطر، فأنذر الأطباء الذي يشرفون على علاجه، بأنه إن لم يقلع غاندي عن الصوم، فإنه يقضي على حياته. فلم يكد زعماء الهنود من مسلمين وهندوس وسيخ يسمعون هذا الإنذار حتى وعدوا غاندي بأنهم سيتعاونون في الحال على إنهاء الاضطرابات الدينية حتى يسود الود والسلام والحب بين جميع سكان الهند على اختلاف أديانهم. ولكن يبدو أن بعض الهنود الذين يميلون إلى العنف وإلى الثورة وإلى الحرب، لم يرتاحوا إلى صوم غاندي الذي خلص الهند من المجازر البربرية مع بقائها منقسمة إلى باكستان وهندستان وفضلوا أن يستمر النضال بين المسلمين والهندوس إلى أن تقبل الباكستان أن تنضم إلى الهندستان وتصبح الهند متحدة، وشعروا في الوقت نفسه أن غاندي بنفوذه الروحي استطاع أن يخمد حرباً أهلية همجية ويحيط حركة ثورية كانوا يعولون عليها كل التعويل، فسخطوا على نفوذ غاندي الروحي على الشعب، وكرهوا ان تحسن معاملة الهندوس للمسلمين، وترد إليهم مساجدهم التي حولت إلى معابد هندوسية من الاضطرابات الأخيرة، واحتفوا على أن يكون للمسلمين أي سلطة في الهند، فأقدموا على قتل بطل روحي ضحى بشبابه وكهولته في سبيل الهند، وفي سبيل إصلاح الهند، وفي سبيل تحرير الهند، ورأى أن التعاون بين المسلمين والهندوس أمر ضروري لاتحاد الهند، وبدون تبادل الحب بين أهل الهند لن تكون هناك هند متحدة، فمات غاندي شهيد مبادئه الروحية. بينما كان منافسوه السياسيون يرون أن القضاء على المسلمين وإبادتهم من الهند أسلم من التعاون معهم، وأفضل من مبادلتهم الحب فأقدموا على قتل غاندي بقلوب حاقدة لا تقدر عواقب فقده، ولا تدرك عظم الخسارة التي لا تعوض، فإن الهند بفقدها غاندي قد فقدت زعيما روحياً، يفهم تمام الفهم الروح الهندية، ويملك قوة روحية يعرف كيف يسيطر بها على الهنود ويوجههم الوجهة التي تتفق مع تعاليم الدين الهندوسي والمبادئ الإنسانية،