يحملنا على الاعتقاد بأن في مقدور البشر معرفة الغيب. إن المسيح نفسه قد اعترف بعجزه عن معرفة زمان يوم القيامة. والبحث في صحة تحقيق النبوءات المزعومة يقودنا إلى سبل ثلاث: أما أن تكون النبوءة قد قيلت بعد وقوع الحادثة، أو أنها حرفت لتوافق الحادثة في سياق لا علاقة لها به أبداً، أو أن الحادثة اخترعت لتوافق النبوءة. إن الافتراض الثالث يبدو واضحاً جلياً في الإنجيل، والأمثلة على ذلك تتراءى لنا في أسطورة الميلاد في بيت لحم، وفي أسطورة مذابح الأبرياء، وفي الهرب إلى مصر.
أما ما يتصل بحدوث المعجزات طبقاً لإرادة الله، فأمر يرجع الإصرار عليه إلى ما تواتر في الماضي من رغبة اقتران وقوع المعجزات مع أحداث خاصة، وهو في ذاته لا يعود على الدين بربح جزيل. لم يكن قول جوته:(إن المعجزة ابنة الإيمان العزيزة) إلا تفسيراً لمحاولة الناس ربط قوانين الطبيعة الباردة بتيار من حرارة الروح، والتهرب من الواقع الجامد إلى الخيال الجميل.
إن الاستناد إلى رحمة الله، وأنه يستجيب الدعوات وهو المعتقد الأساسي لكثير من الناس قد يكون في الاستطاعة من جهة أخرى، كما اقترح، اختبار أثر دعاء المخلوق إلى الخالق، بطريقة عملية، كما اختبرت (التلباثي) وهي نقل الأفكار من شخص إلى آخر - وكما تثبت في الولايات المتحدة، وفي هذه البلاد، على رأي بعض الناس. والسخط البالغ الذي تقابل له تجربة من هذا النوع، يخفي وراءه الحقيقة المريرة وهي الفشل التام للتجربة. أن الإله الذي لا يعمل - كما يخيل لناس - أما أن يكون لا ظل له في الوجود، وإما أنه قانون مجسم من قوانين الطبيعة.
أما ما يتعلق بالعِلم فقد كان الجدل فيه عقيما. لقد أنكر علماء العصر الفكتوري (المادة)، وفسروا العالم بأنه أنواع من (الكم) الميكانيكي، ضاربين صفحاً عما سماه بسمارك (الأجسام التي لا ثقل لها)، ووصلوا عن طريق ذلك إلى ما سموه (بالنظام المتماسك المغلق). وما دعوه خطأ قانون النسبة لم يكن غير قانون الاستمرار الدائم.
أما العلم الصحيح فلم يكن غير الرياضيات. ليس بالصحيح القول أنها تبصرنا بحقائق لا قيمة لها؛ لأن الحقيقة في حد ذاتها قيمة مطلقة. إن الرياضيات تضرب صفحاً عن القيم النهائية ولا تؤمن بها، وتغض الطرف عن قانون الحرارة والعمل الميكانيكي الثاني