للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(ثرموديناميك) والذي بموجبه تتحرك الدنيا في اتجاه عقرب الساعة.

أما الدين، والمثل العليا فقد أضاف هربرت سيسر كل ما يدرك إلى العلم؛ وما لا يدرك إلى الدين، وخطا ليزلي ستيفن خطوة أكثر فتحدث عن الحقائق الثابتة والأحلام. لقد طفت (دنيا القيم) كالضباب على وجه العالم الملموس في النجوم والذرات، غير أنها احتفظت ببعض عتوها فيما يتصل بالأمور الخارقة للعادة والتي سميت بالمعجزات والتي لم يأبه بها العلم كثيراً. وعلى كل حال سواء كان سبب انتشار مرض الكوليرا الماء الملوث بالجراثيم كما هو الواقع، أم إلحاد رئيس البلدة التي ينتشر فيها ذلك الوباء، كما كان اعتقاد كثير من الناس آنذاك، فقد انتهت تلك الفصول الهزلية من مسرح الحياة.

عندما أفكر فيما كان يسميه وليام جيمز (التجربة الدينية) وما كان الناس بالنور الداخلي أو الإيمان بالروح القدسي، يروق لي أن أكرس كثيراً من وقتي لدراسة الصوفية والأفلاطونية، شأن الكثيرين الذين كان يضطرم في نفوسهم مثل هذا الإحساس أن الإيمان بالقديسين يكاد يكون أمراً مفروغاً منه ومجمعاً عليه، وأولئك الذين أعطوا كل ما يملكون ليجدوا الجوهرة الثمينة، لم يرجعوا صفر اليد ولم يكونوا جميعاً من المسيحيين. لقد كان بلوتونيوس أعظم فلاسفة التصوف في القرن الثالث الميلادي وثنياً. وقد ابتدأنا ندرك الآن أن أشياء كثيرة نستطيع تعلمها من الهنود. وليس أصدق من القول الذي يزعم أن الديانة المسيحية والبوذية قد خسرتا بتدابرهما طرق الحياة. إن خيال التصوف يبدو لي غامضاً لأنني لم أحصل على معرفة كافية، ولكنني من ذلك النوع من الرجال الذين لو حدثهم من يثقون به عن وصوله أعلى قمة من جبال العالم، لاعتقدت إمكان الوصول إلى تلك القمة على رغم عجزي عن الوصول إليها. إن الديانة المسيحية كما يصفها سنت أغسطين ليست إلا الأفلاطونية ممزوجة بعقيدة حلول الروح القدسي في المسيح. تكاد معظم الفلسفات تجمع على جعل الإنسان مندمجاً في المهل التي تفهمها الحياة. لكن الديانة المسيحية لا تفعل مثل ذلك. الله هو المحبة. وكثيراً ما تورد المحبة صاحبها موارد الهلكة، وحب الله العظيم للناس جعله يضحي بابنه في سبيل إنقاذهم. إن التضحية هي قانون أولئك الذين يتبعون الله ويؤمنون به ويضحون في سبيل الآخرين ويتحملون الآلام، وكما عبر عن ذلك وليم بن بقوله (لأجزاء بلا تضحية) وكثيراً ما خيل إلي أن جماعة (الكويكارز) قد تأثروا بهذا الرأي

<<  <  ج:
ص:  >  >>