للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تحسين الأحوال الاقتصادية والظروف الاجتماعية، وغالباً ما يكون للأقليم الجديد (جاذبية) اقتصادية واجتماعية. وكلما عظمت درجة التشابه والاندماج زاد الميل إلى التزاوج الداخلي. ويخلق المهاجرين في مهجرهم مشكلات اقتصادية وسياسية ودينية، الأمر الذي دعا الولايات المتحدة الأمريكية إلى تقييد قوانين الهجرة فقسمت المهاجرين إلى ثلاث طبقات: المرغوب فيهم بلا قيد ولا شرط مثل سكان غرب أوربا، والمرغوب فيهم بشروط مثل سكان بقية أوربا، وغير المرغوب فيهم وهم العناصر الصفراء، كما حددت لكل دولة عدداً سنويا من المهاجرين. ولا ينبغي أن ننكر ما للمهاجرين من فوائد. فقد نقل المهاجرون إلى أمريكا - مع ما نقلوا - الأفكار الديمقراطية والتسامح الديني وحب الحرية، فكانوا عوامل فعالة في النزاع بين المستعمرات ثم في الكفاح لنشر فلسفة الثورة الأمريكية بين الطبقات وكما ينقل المهاجرون معهم محاسنهم كذلك ينقلون مساوئهم.

واللبنانيون أكثر أهل الشرق حبا للهجرة ورغبة في المغامرة، ولهم جاليات نشيطة في الأمريكيتن، ولعل للظروف الجغرافية أثراً في ذلك. ويحدث أحياناً أن يعيش المهاجرون في عزلة عن السكان الأصليين فيقوى عندهم الميل إلى الاحتفاظ باللغة والدين والتقاليد، ويرفضون التزاوج مع السكان. وهذا بطبيعة الحال يضعف من احتكاك الحضارات. ولكن بعد مرور فترة من الزمن نرى المهاجرين يجنحون إلى الاختلاط وينبذون حياة العزلة.

الاحتكاك الثانوي:

لاشك أن لسهولة المواصلات والمخترعات الحديثة أثراً كبيراً في احتكاك الحضارات. فقد نتج عن ذلك مثلا إمكان (التعليم بالمراسلة) الذي ظهر حديثا. كما لعبت الصحافة والإذاعة دوراً عظيما في هذا المضمار. وللأدب أهمية كبيرة، إذ أن الإنسان لا يتعلم لغة قوم إلا إذا أخذ فكرة عن حضارة هؤلاء القوم وفي العصور الوسطى أثرت الآداب العربية في عقول أهل أوربا وأفكارهم، فكان لذلك أكبر الأثر في نهضة أوربا الحديثة.

واللغة الإنجليزية أكثر اللغات انتشارا. فقد قدر أحد العلماء في عام ١٩١٠ عدد المتكلمين بالإنجليزية بنحو ٢٧ % من سكان هذا الكوكب، وأكثر من نصف جرائد العالم تطبع بها.

ولما اخترعت أوربا البخار سهل السفر في قطارات البر وسفن البحر وزاد اختلاط الفرنج بالشرق. ولا تقتصر فوائد المخترعات على المنطقة التي اخترعت فيها بل إنها تعم بقاع

<<  <  ج:
ص:  >  >>