التعلم والتعليم، وبعد نهاية دراستها اتفق أن طلب الكبتن أرثر كلر أبو هلن إلى الأستاذ أجنوس رئيس هذا المعهد يرجو منه أن يرشده إلى معلمة لابنته، فأرشده إلى مس سوليفان هذه.
والكبتن أرثر كلر من قرية توسكوميبا من ولاية آلاباما وله هناك أملاك واسعة يستغلها. وله غير هلن ابن يدعى تجايميس وابنة صغرى تدعى ميلرد. وزوجة تدعى كايت أدمس وقد تزوجها أرملا وهو أكبر منها سنا.
ورحبت أسرة كلر بسوليفا ترحاباً حاراً. وكانت هلن بين الخامسة والسادسة من عمرها، فرأتها مس سوليفا طفلة مملوءة حياة وعافية، جميلة الطلعة مشرقة المحيا، ولها عينان كأنهما نرجستان، ليس فيها عيب (لأن العيب في المركز البصري في الدماغ) ورأت أنها كثيرة الحركة تجري من مكان إلى مكان بلا انقطاع. وتلمس كل شيء ولا يندر أن تكسر الآنية التي تعبث بها أو تتلف المتاع الذي تمسكه.
في أول الأمر تهيبت مس سوليفان تربية هذه الطفلة وتعليمها. ولكن لما لها من دراية بهذا الصنف من الناس الناقص الحواس وما لها من الحذق في تربيته، وما استشفته من الذكاء في هلن عزمت على أن تجعل منها إنساناً فائق الخواص والصفات، وقد جعلت رأت أنها صعبة المراس جداً شديدة القدرة بالغة النشاط، وأنها ما دامت بين أهلها يصعب ترويضها وتدميثها، فإنتقلت بها إلى منزل صغير لأهلها في أرض لهم لا تبعد أكثر من ميلين عن توسكوميبا، وأقامتا وحدهما هناك، وكان الطعام يرسل إليهما من البيت كل يوم، ولكنهما ما لبثتا هناك أكثر من أسبوعين فعادتا إلى البيت.
ورأت سولفيان أن تطويعها بالقوة والعنت يزيدها شكاسة وعناداً وشراسة فقررت أن تملكها بالمحبة، فكانت تهبها كل يوم ما توده من كعك وفاكهة ولعب أطفال، وكان أهلها يتفاهمون معها بإشارات تعودوها، فتحسنت عشرتها قليلاً. وقررت المعلمة أن تعلمها الحروف الأبجدية بكتابتها على كفها بأصابعها، وأول كلمة أدخلتها في عقلها بالكتابة كلمة لعبة إذ رسمت الحروف على كفها ثم أعطتها اللعبة. ثم أخذت اللعبة منها وجعلتها تطلبها بكتابة الحروف على كفها (كف المعلمة) ثم كتبت المعلمة بأصابعها على كف هلن كلمة (كعك) وأعطتها كعكة، وهكذا فعلت في إعطائها اللبن ووعاء اللبن الخ.