قد أسدل بلباقة وكياسة على رأسها، ثم تدلّى بعضه إلى الأمام ليحجب عنك أيها المحب الشغوف وجهها الحلو الباسم، فلن ترى جمال تقاطيعه إلا حين تكشف عنه بيدك - يوم الزفاف!
(كم حدّثتني نفسي في هذه الساعة أن أحمل واحدة من هذه العرائس المصرية الصغيرة فأضمها إلى قلبي، ثم اذهب بها هنالك، في ركن منعزل، نائياً عن أعين الناس، بعيداً عن كل ضوضاء، وفي هدوء وراحة نفس، أسبل عيني ثم أضع شفتي على شفتيها الحمراوين فأتذوّق منهما شيئاً. .!)
هكذا الشاعر يخلق من كل شيء جمالاً
وبينما أنا أمر ليلة المولد بهذه (العرائس) تذكّرت خيال هذا الشاعر فوقفت سابحاً في أحلامي. . .
ولكن جدة تقتاد حفيدين لها قد دفعتني على غير قصد واقتحمت الزحام. وبعد مساومة ليست بالطويلة خرجت تحمل (سريراً) صغيراً زيّن بأستار هفهافة من القماش الملوّن بالأحمر والمذهّب والمفضض، وأبت الطفلة إلا أن تحمل (عروستها) بنفسها، وأما الطفل فقد حمل حصاناً أحمر عليه فارس. . .
وهذا الثالوث المزاحم قد أخرجني من حلم ليدخلني في حلم آخر:
الجدة فخورة لأنها أنجزت تقليداً تعتبره مقدّساً، وهي مسرورة لأنها عاشت واشتركت في ذكرى الرسول للمرة السبعين
أما الطفلة فأي سرور يملأ قلبها! أنظر إليها وهي تجذب جدّتها من ملاءتها لتسرع الخطى. . . فهي تريد أن تصل البيت أسرع ما يمكن لترى أمّها عروستها الجميلة وسريرها البديع، وهي تريد أن تقابل صويحباتها زكية وتفيدة وإحسان لتقنعهنّ بأن عروستها أكبر. . وإنها تملك سريراً. .
وقد بلغ الثلاثة البيت؛ فالجدّة متذمّرة لأنها لم تجد الدكاكين مزدانة بالثريات والبيارق الحمر والخضر والصفر مثل (زمان). . ومحمود الصغير أقتنع مسافة الطريق بأن حصانه لا يستحق الاحتفاظ به طويلاً. . وانه لا يحقق له أملاً واحداً من آماله: هل أستطيع أن أركبه وأضربه بالسوط؟. . إذن. . . وبقضمة واحدة يطير رأس الفارس بأسنانه! ثم أبتدأ في